في 13 نيسان 1975 أُطلقت شرارة الحرب الأهلية اللبنانية ومعها سقطت قافلة الشهداء الذين سقوا بدمائهم تراب هذا الوطن، فسقط الكثير ومنهم قامات وطنية لا مجال لذكرهم فما الذي تغير.
 

الحرب الأهلية اللبنانية التي انفجرت في نيسان 1975، في ذكراها السادسة والأربعين، مناسبة متجددة لطرح كثير من الأسئلة بالرغم من مرور قرابة ثلاثة عقود على انتهائها «النظري» في 1989؛ أسئلةٌ عن مبرر الفظائع التي ارتكبت ولم تتم محاكمة مقترفيها، عن حقيقة التمسك بالسلم الأهلي الهشّ والمواطنة المفقودة وعدم استخلاص العبر من إرث الحرب الثقيل، عن سرّ تأخر إعادة بناء الدولة، أسوة بكل دول العالم التي أصابتها لوثة التقاتل الداخلي، ثم عبرت منه إلى سلم أهلي مستقر، عن سرّ استمرار، الطائفيين والحاقدين والشعبويين والسماسرة والفاشلين وناهبي المال العام وحقوق الشعب في تَسيّد المشهد، وتقاسم مكاسب السلطة.

 

 

 وبعد كل ذلك، سؤال ضروري عن إمكانية انهيار ما تحقق في ظل تلكؤ المشاركين في الحرب أو بعضهم ومن لحق بهم عن إجراء مراجعات نقدية لما ارتكبوه، وما يزل مستمراً، بحق الوطن والانسان 
ليس في الذكرى ما هو إيجابي لنحييه في كل عام مع حلول هذا التاريخ 13 نيسان، ذلك التاريخ يجب ان لا يغيب عن بال اللبنانيين أبداً، حتى لا ننسى الثمن الذي دفعه بلدنا عندما تحوّل الى ساحة لمعارك الآخرين على أرضه والذي لا تزال إرتداداته مستمرة ولكن بشكل اخر، فكانت الفاتورة آلاف القتلى والمعوقين والمفقودين. في 13 نيسان 1975 أُطلقت شرارة الحرب الأهلية اللبنانية ومعها سقطت قافلة الشهداء الذين سقوا بدمائهم تراب هذا الوطن، فسقط الكثير ومنهم قامات وطنية لا مجال لذكرهم.

 

 

نستعيد هذه الذكرى اليوم ولبنان يقف على قاب قوسيّن أو أدنى من انفجار اجتماعي وسياسي، تستنهضه بقوة سياسات الطبقة السياسية  واستمرارها بسياسة المكابرة والانكار وعجزها الفاضح من خلال عجزها عن تشكيل حكومة مهمة تشكل المدخل للخروج من مسلسل الازمات المتناسلة التي ترزح على صدر الوطن والمواطن،هذه الطبقة نفسها هي صاحبة قرارات لم تجد سبيلاً سوى السطو على مدخرات اللبنانيين وصناديقهم ومصارفهم، لسدّ العجز الإقتصادي الذي تسببت به ووضعت يدها على كل شيء، الكهرباء والماء والاتصالات والمعابر والأملاك البحرية وعطلت القضاء وحوّلت المواقع الحكومية جزءاً من زبائنيتها، إلى جانب مصادرة قرار الحرب والسلم وصياغة سياسة خارجية وأمنية للبنان خلافاً للطبيعة .

 

 

ما يعانيه لبنان وشعبه منذ التسوية الرئاسية المشؤومة 2016، ومن بعدها قانون الانتخاب الحاقد في 2018 اللذين سلما البلد لقمة سائغة لهيمنة السلاح ولجوعٍ قديم للتسلط والنهب والتهام المناصب والمواقع والمكاسب من كيدية وإفلاس وتجويع وتضييق على الحريات وتغيير في طبيعة النظام، يستدعي، كما الأداء السلطوي قبلهما، بالحدّ الأدنى ثورة تعيد تصويب البوصلة الوطنية، وتكوين مشهد جديد، تشكل بارقة أمل، وتساهم بلملمة ما خلفته ذهنية الحرب المستمرة على الدولة والنظام والشعب . 

 

إقرأ ايضا : لبنان وليالي الأنس في فيينا

 

 


ما يستدعي التوقف عنده في ذكرى الحرب اللبنانية ليس تفاصيل ما جرى في 13 نيسان 1975، بل الإندفاعة اللبنانية للمشاركة في جولات العنف وإمداد الجبهات بالمقاتلين، والحشد الشعبي وراء الأحزاب والتنظيمات المسلّحة أكثر من الحرب نفسها والأسباب التي دفعت بشرائح شعبية مختلفة، من مثقفين وعمال ومزارعين وطلاب من سكان الأرياف والمدن على السواء لحمل السلاح والاشتراك في القتال بالرغم من وجود العديد من المحاولات الحوارية .
 فما الذي تغير بين الامس البعيد واليوم .

 


 
ولعله منذ العام 1975 حتى اليوم، تبقى العوامل الداخلية للانقسام الاهلي متداخلة مع تلك الاقليمية والدولية وفي هذه اللحظة يبدو هذا التشابك صارخا في دلالاته من دون اهمال التوترات الداخلية التي لا تسهل اي حل من الخارج على اساس المبادرة الفرنسية للحل.
نستذكر 13 نيسان فيما العديد من أصوات النشاز لا تزال تواظب على نبش القبور وبث سموم الفتنة كلما اقتضت مصالحها الخاصة الضيقة ذلك. 


نستذكر 13 نيسان والبعض لا يزال يعيش في ذلك الزمن الذي قاد اللبنانيين الى الاقتتال في ما بينهم من أجل أجندة خارجية كان لبنان مسرحها.

 

 

فلا الفيدرالية ولا اللامركزية المالية الموسعة التي يحلو للبعض أن يطرحها من وقت الى آخر، ولا القوانين الانتخابية المفصلة على قياس الطوائف والمذاهب، ولا جولات تجييش الناس وتذكيرهم بزمن المتراس تبني وطنا، وحده العيش المشترك وقبول الآخر هو قدر هذا البلد الصغير بحجمه الكبير بمعانيه كنموذج في الشرق والعالم.

 

 


أيام صعبة للغاية يعيشها لبنان، يئن فيها الشعب تحت وطأة أزمة اقتصادية ومالية وصحيةهي الأسوأ في تاريخه، مع بلوغ الليرة مستويات قياسية في انخفاض قيمتها، وتدهور اقتصادي يعصف بالبلاد بعد استعصاء الحالة السياسية التي أفشلت جهود تشكيل الحكومة العتيدة.

 

 

الجديد هذا العام ان ذكرى 13 نيسان تحل في ظل هيمنة كورونا، حيث نداء التلاحم الوطني هو اساس الانتصار في مواجهة هذا الفيروس القاتل، على أمل أن يكون مستقبل العالم بأسره هو السلام لا الحروب العبثية التي دمرت في يوم من الأيام وجه لبنان الجميل.

 


في 13 نيسان 1975 أُطلقت شرارة الحرب الأهلية اللبنانية ومعها سقطت قافلة الشهداء الذين سقوا بدمائهم تراب هذا الوطن، فسقط الكثير ومنهم قامات وطنية لا مجال لذكرهم فما الذي تغير.