المشكلة ليست في تأمين اللحظة المعيشية بالرز والحليب واللحم والزيت والسكر، والبطاقات إنها أزمة وطن، إنها أزمة دولة، إنها أزمة سلطة، إنه السؤال الكبير الذي نحن بحاجة إلى من يجيبنا عليه، لماذا وصلنا إلى ما وصلنا إليه؟ ما هي الأسباب؟ من سرق البلد والدولة والشعب؟ ومن المسؤول؟ وهذا هو الجواب الكبير الذي ينتظره الناس بل هو ما يريده الناس أكثر من أي شيء آخر
 

قد يكون الوقوف إلى جانب الناس أمرا مطلوبا بل وواجبا لا سيما ونحن في أزمة معيشية خانقة وعلى أبواب شهر رمضان المبارك، لكنها ليست هذه مشكلة الناس، فليست المشكلة في تأمين 5 كيلو رز و5 كيلو سكر و5 ليتر زيت فبالرغم من حاجة الناس إلى ذلك إلا أن المشكلة الأساسية في المسببات التي أوصلت البلد إلى هنا، المشكلة الاساسية في انهيار الدولة والمؤسسات، المشكلة الأساسية في أسباب انهيار منظومة الأمن الغذائي والاجتماعي، وفي انهيار الكيان كله، فوصلنا إلى ما وصلنا إليه دونما أن نبحث أو نسعى أو نشير إلى الأسباب والمسببين، وإلى المسؤولين عن هذا الإنهيار.

 

 

 

 لا شك أن  الأسباب واضحة، والمسببون معروفون، ويمكن الإشارة إليهم بالبنان وما زالوا يرتعون ويلعبون بمقدرات البلد كله،  لكن الإجراءات كانت وما زالت معدومة ولم يكن ثمة نوايا حقيقية وجادة ومسؤولة لوقف الإنهيار لأسباب وعوامل كثيرة على رأسها هذه المنظومة نفسها التي تتحكم بالبلد والتكتل الطائفي والحزبي الخبيث الذي لم يجرؤ أحد على المساس به بالرغم من فداحة الأزمة وتداعياتها المميتة، وهذه المنظومة نفسها أيضا المتصلة أولا وآخرا بهوية هذا اللبنان القائمة على المكتسبات الطائفية والمذهبية والقائمة على مبدأ المحاصصة وتقاسم المغانم، وهي المعضلة القديمة والجديدة وهي نفسها اليوم التي تحول دون تشكيل الحكومة في وقت يعيش لبنان واللبنانيون الفراغ القاتل.

 

إقرأ أيضا: القوات في الضاحية.. ماذا جرى خلف الكواليس

 

 

وبدل أن تبادر السلطة وأحزابها  إلى المعالجات الجذرية ذهب الجميع إلى استيعاب الغضب الشعبي تارة بالمساعدات الغذائية وكراتين التموين، وطورا بالبطاقات التموينية من الدولة أو من الأحزاب.  

 

 

ماذا لو امتلأت المخازن بالمواد الغذائية وانهارت العملة الوطنية إلى الحضيض؟ ماذا لو استهلك ما في الكراتين والحصص الغذائية؟ وماذا عن الدواء؟ وماذا عن المحروقات؟ وماذا عن كارثة القطاع الصحي وقطاع التعليم؟ وماذا وماذا الخ.

 

 

إذن فالمشكلة ليست في تأمين اللحظة المعيشية بالرز والحليب واللحم والزيت والسكر، والبطاقات إنها أزمة وطن، إنها أزمة دولة، إنها أزمة سلطة، إنه السؤال الكبير الذي نحن بحاجة إلى من يجيبنا عليه، لماذا وصلنا إلى ما وصلنا إليه؟ ما هي الأسباب؟ من سرق البلد والدولة والشعب؟ ومن المسؤول؟ وهذا هو الجواب الكبير  الذي ينتظره الناس بل هو ما يريده الناس أكثر من أي شيء آخر.

 

 

لا نريد الدخول في سجالات الفايسبوك حول المساعدات أو البطاقات أو الحصص الغذائية، ولا نريد الدخول في اتخاذ  المواقف العبثية أو الكيدية كما لا نريد شيطنة أعمال الخير أيا تكن أهدافها وغاياتها، لكننا نريد أن يتجه الجميع وبمثل هذا الحرص في استقطاب الناس، إلى الحرص على معالجة الازمة الحقيقية التي هي أزمة وطن ودولة، وإلى الجرأة في فضح اللصوص وناهبي أموال الدولة والشعب.

 

 

إقرأ أيضا: جهنم عون وتايتنيك بري

 

 إن اللبنانيون يريدون استعادة وطنهم ودولتهم دولة القانون والمؤسسات، دولة الحقوق والواجبات.

 


إن تحديد المسؤوليات عن أسباب الإنهيار والاشارة إلى المتسببين به هي الإنجاز الوطني الأكبر الذي يريده اللبنانيون، إن استعادة أموال الدولة المنهوبه  هي الخدمة الأكبر التي يريدها اللبنانيون.

 

 

إن سياسة الهروب إلى الأمام بالمساعدات والحصص الغذائية هي وزرٌ آخر، وهي إمعان في التستر على الازمة الحقيقية بل خيانة للوطن كله.