وهكذا سينتظر تشكيل الحكومة اللبنانية مباحثات فيينا، الذي يوحي مسارها أنها تسلك طريقاً متقدماً، بغض النظر عن كل التصريحات التي تخرج من هنا وهناك. وملامح التشكيلة الحكومية اللبنانية، وضعت24 وزيراً، بلا ثلث معطل.
 


بلغ ملف تشكيل حكومة الانقاذ المطلوبة بإلحاح داخليا وخارجيا، حد الاستعصاء على اية مساعي ومشاريع ومحاولات للتقريب بين شريكي التأليف المفترضين، رئيس الجمهورية ميشال عون والرئيس المكلف سعد الحريري وقد تسارعت التطورات السلبية في الفترة الاخيرة الماضية، منذ اللقاء الثامن عشر بينهما، وما دخل على الخط من مناكفات علنية، دون اية قفازات، وسعت الهوة بين بعبدا وبيت الوسط الى حد باتت فرضية تفاهمهما على حكومة شبه مستحيلة.

 


 منذ ذلك اللقاء المتفجر، لم تشهد المشاورات الحكومية اي حركة او اي تقدم يذكر والافرقاء المعنيون لايزالون على مواقفهم السابقة، خلاف ما روج له البعض عن ايجابيات واكبت حركة المساعي الدولية المباشرة وغير المباشرة وقد عكست مصادر ديبلوماسية خشية لدى المسؤولين الفرنسيين من ان تعطيل تشكيل الحكومة في لبنان مستمر، بحدود او بأخرى، وسيبعده اكثر  فأكثر عن الانفراج.

 

 

يتفق عديدون على ان انجاز التشكيل رهينة عقد متعددة، داخلية وخارجية، من ابرزها تلك الناشئة عن شروط فريق العهد، من دون استبعاد حزب الله واخرين فالرئيس عون يتمسك بشروطه وصيغته وما يعتبرها حقوقا دستورية وميثاقية ولا يتزحزح قيد انملة، ويقف حجر عثرة في وجه الوساطات الحميدة الداخلية والخارجية الهادفة لاجتراح معجزة الحلول واخراج البلد من المآزق المتعددة العناوين والمضامين، التي ال اليها.

 


تدور في هذه الايام، احاديث أن هناك تقدمًا جديًّا في الملف الحكومي بدأ من مبادرة رئيس مجلس النواب نبيه بري الذي اقترح تشكيل حكومة مؤلفة من 24 وزيراً على أساس 888 بحيث لا يكون هناك ثلث معطّل لأي فريق بالاعتماد على أن التقدّم الجديد يكمن بالتحرّك الأوروبي مرة أخرى والذي ظهر من خلال الإعلان أن ألمانيا ستعرض على السلطات اللبنانية الأسبوع المقبل خطة مشروطة تكلف مليارات الدولارات لإعادة بناء مرفأ بيروت في إطار مساع لحث المسؤولين على تشكيل حكومة قادرة أن تنقذ لبنان من لفظ أنفاسه الأخيرة اضافة الى المكالمة الهاتفية الأخيرة بين الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون وولي العهد السعودي محمد بن سلمان، اللذين ربطا تقديم الدعم الطويل الأمد للبنان بتشكيل حكومة ذات ثقة، مؤشر إيجابي آخر لتشكيل الحكومة  الحلحلة الكبيرة على مستوى الملف النووي، حيث وصفت المحادثات بين طهران ومجموعة 4 + 1، بخصوص الاتفاق النووي الإيراني بالجيدة، بانتظار أن تعقد إيران والقوى العالمية الاجتماع المقبل بشأن الاتفاق النووي في فيينا يوم الثلاثاء المقبل، من دون أن يعني كل هذه المؤشرات أن الحكومة ستتشكل قريبًا جدًّا، وبهذه الحال يكون لبنان أمام مفترق إما أن الكلام هو للكلام فقط، أو ابتزازياً لجذب اهتمام الغرب. أو أن التناقض الذي يتحكم بالسياقات والتوجهات كلها لا يزال طاغياً على منهجية العهد وسياسته، لن يعود بأي نتيجة إيجابية على لبنان.

 

 

إقرأ ايضا : حركة السفراء بمواجهة الجمود اللبناني

 

 

 

وهكذا سينتظر تشكيل الحكومة اللبنانية مباحثات فيينا، الذي يوحي مسارها أنها تسلك طريقاً متقدماً، بغض النظر عن كل التصريحات التي تخرج من هنا وهناك. وملامح التشكيلة الحكومية اللبنانية، وضعت24 وزيراً، بلا ثلث معطل.

 

 وتبقى الجوانب التفصيلية الأخرى تتأرجح على إيقاع مباحثات فيينا الذي يحلو حينها ترداد اغنية اسمهان ليالي الانس في فيينا. 

 


على وجه العموم، يحفظ اللبنانيون، هذه الصورة السوداوية لما الت اليه اوضاع البلد، وهم باتوا على يقين بأن هناك من يعمل جاهدا لان يكون لبنان دولة بالاسم فقط، فاقدة ابسط شروط المناعة والتوازن الوطني والقدرات والقيام بأبسط الواجبات، وقد تفجر الغضب الشعبي على هذه السلطة، على امتداد الساحة اللبنانية جراء مواقفها، كما احتجاجا على الارتفاع الجنوني الكارثي لسعر صرف الدولار وعجز السلطات المعنية عن لجم الانهيار المعيشي والسياسي والاقتصادي والمالي والصحي الناجم عن كورونا الوبائية الكارثية والمعنيون بالحل يتلهون بالنزاع حول حكومة مفترضة لم تبصر النور، ولا يبدو ان المعرقلين في وارد التسهيل وتقديم التنازلات والكف عن الشروط والشروط المضادة .

 


في النهاية، لم يعد أمام اللبنانيين في ظل أجواء العداء والتشنج التي تسيطر على عقول ومواقف القيادات السياسية المعنية بتشكيل حكومة إصلاحية جديدة ، هكذا سيبقى لبنان معلقاً بين خياري الإنقاذ أو السقوط والزوال بانتظار أن يثبت الشعب قدرته على الصمود والانتصار على هذه الطغمة السياسية الفاسدة، ولكن الأكيد أنه بحال عدم نجاح هذه المبادرة، فإن الوضع سيزداد سوءاً والضغوط الخارجية ستتزايد. وخصوصاً أن لبنان كله سيكون معلقاً في انتظار تسويات إقليمية على خط العلاقة بين الولايات المتحدة وطهران.