مع استمرار تعثر تشكيل الحكومة في ظل تصاعد التجاذبات بين اهل الطبقة السياسية يجد البلد نفسه بين حدين إنهاء المأزق الحالي بتعجيل تشكيل الحكومة وبدء تنفيذ الإصلاحات المطلوبة من قبل المانحين والشركاء الدوليين، أو الانهيار التام.
 

خلاصة ما آلت إليه الاوضاع السياسية الحكومية في لبنان، ان رئيس الجمهورية ميشال عون متمسك بالمبادرة الفرنسية ولا ينفذها، ويستصرخ المملكة العربية السعودية للتدخل، ماضيا في وضع العصي المعرقلة، في دواليب عربة تشكيل الحكومة الا اذا لبت تصوراته، متمسكا بصيغته مقابل صيغة الرئيس المكلف سعد الحريري.

 

 

المشهد السياسي مستقر، الى ان يأذن الممسكون بالقرارات بًالفرج المطلوب لتشكيل حكومة انقاذ وطني تخرج البلد واهله من الظلمات والفوضى والبلبلة الى الوضوح والجلاء واليقين، واللبنانيون على وجه العموم، باتوا على قناعة بأن مصيرهم بالدق، رغم المواقف الدولية، الفرنسية والاميركية والروسية، واخيرا العربية، التي تشددعلى وجوب الاسراع في تشكيل الحكومة العتيدة، لتباشر عملية الاصلاح المطلوبة ومكافحة الفساد. 

 

 

على وقع هذا الجمود المأساوي، شهد الاسبوع الماضي، حراكا بالغ الاهمية والدلالة، لسفراء دول تربطها بلبنان علاقات تاريخية، وهو حراك، يدل على فشل القيادات اللبنانية المعنية بتشكيل الحكومة، حيث يتمسك كل فريق بمواقفه، ولبنان وشعبه يدفعان الثمن، مقابل الغيرة الدولية على حاضر لبنان ومستقبله والتي تشدد على ضرورة وضع الخلافات جانبا، على ما دعت اليه السفيرة الاميركية  دوروثي شيا، بعد لقائها رئيس الجمهورية ميشال عون  في بيان مكتوب معد سلفا، متسائلة الم يحن وقت التخلي عن المطالب والبدء بالتسوية مشددة على وجوب ان تتشكل الحكومة بأسرع وقت وقد عادت والتقت في بيت الوسط الرئيس المكلف سعد الحريري، وخرجت من دون ان تدلي بأي تصريح او موقف. 

 

 

بالتوازي حط السفير البخاري في القصر الجمهوري في بعبدا، والتقى رئيس الجمهورية الذي بادر لدعوته، حرص السفير البخاري، خلال لقاءاته، على ان يشرح وجهة نظر المملكة ورؤيتها للعلاقات مع لبنان، الدولة ومكونات المجتمع اللبناني، التي يشكل تعددها وتنوعها وتفاعلها رسالة لبنان الحضارية على ما قال، لافتا الى ان البعض يقع في خطأ التصنيف، حيث ينظرون من زاوية ضيقة للدور الذي تقوم به المملكة في لبنان حيث يعتبر هذا البعض ان المملكة ترعى هذه الطائفة او تلك، وهذا خطأ ليخلص قائلا ان لبنان في القلب وان المملكة تقف على مسافة واحدة من كل المكونات اللبنانية، وليس لها سياق تفضيلي لهذه الطائفة او تلك فالتنوع اللبناني غني، والانسان اللبناني وريث حضارة صدرت الابجدية الى العالم، ولهذا فإن الشعب اللبناني يستحق استقرارا في وطنه ونماء في اقتصاده وامنا يبدد استعلاء القوى الظلامية على منطق دولته.

 

 

لم تغب السفيرة الفرنسية ان غريو، عن هذا الحراك، وقد كررت التزام باريس المبادرة القرنسية الداعية الى وجوب انجاز تشكيل حكومة مهمة انقاذية، وذلك  بالتقاطع مع اشارات غير مريحة وردت من باريس حيال ما الت اليه العلاقات بين  عون والحريري، وفشلهما في الاتفاق على تشكيل الحكومة، وتؤكد معلومات ان الرئاسة الفرنسية تبلغت بإستياء تطورات الوضع الحكومي في لبنان، وهي بصدد الاعداد لتحرك.  جديد بهدف تقريب وجهات النظر، تمهيدا لتشكيل حكومة برئاسة الحريري تتولى مهمة الانقاذ، وفق الية المبادرة الفرنسية، داعية اللبنانيين الى الايفاء بإلتزاماتهم

 


مع الاسف ان يشهد لبنان غيرة دولية عليه وعلى وجوب تجاوز ازماته المتناسلة، ولا تحل هذه المسألة على طاولة الافرقاء المعنيين، الا من زاوية المصالح الشخصية والفئوية ومع الاسف ايضا ، ان الطريق الموصلة الى تشكيل الحكومة العتيدة، مقفلة، اقله حتى اليوم، وكل محاولات اهل الخير لرأب الصدع الت الى الفشل ولم يسجل في الساعات الماضية، اي حراك على مستوى عون والحريري، وان كانت المشاورات مستمرة بين بيت الوسط وعين التينه.

 

 

لا ينكر اي احد اهمية الوساطات الخارجية، التي دخلت على الخط مؤخرا، الا ان ذلك لا يبرر ان يغسل افرقاء الداخل اياديهم من المسؤولية، حيث ان الاستناد الى الصداقات الدولية والاقليمية والاعتماد على الدعم الخارجي لا يكفيان لوحدهما حيث ان اهل مكة ادرى بشعابها. 

 


مع استمرار تعثر تشكيل الحكومة في ظل تصاعد التجاذبات بين اهل الطبقة السياسية يجد البلد نفسه بين حدين إنهاء المأزق الحالي بتعجيل تشكيل الحكومة وبدء تنفيذ الإصلاحات المطلوبة من قبل المانحين والشركاء الدوليين، أو الانهيار التام.