تبيّن بعد أشهر من زيارات الرئيس المكلف سعد الحريري لقصر بعبدا بأن النظام في لبنان رئاسياً من الناحية الفعلية و العملية و الواقعية بغض النظر عمّا جاء به اتفاق الطائف من صلاحيات محددة لرئيس الجمهورية وهذا ما ينطبق أيضاً على دولة الرئيس بري الذي كان بحكم الواقع حاكماً لبنان من خلال ضمانته لجميع الأطراف والأطياف وبحكم تجربته وبحكم علاقاته القديمة مع النظام السوري أبّان الوصاية وبحكم قوته الطائفية والسياسية اذ بات عاجزاً اليوم عن تثبيت حكومة إنقاذ في مرحلة ذهب فيها الوطن مع ريح الفقر كما أن مكوكيّات البعض من الجهات والأشخاص الوازنة لم تتمكن هي الأخرى من تلين موقف القصر ليتبيّن للجميع بأن العهد القوي قوي على المذكورين وعلى جميع من راهن على الرئيس سعد الحريري من جماعات الداخل ومن أطراف الخارج وهذا ما يطرح أكثر من سؤال حول أسباب جُبن الحريري وهون بري وارتباك جنبلاط وقلق سمير جعجع وجميع أطراف الطبقة السياسية باستثناء حزب الله الذي يقف الى جانب العهد بكامل قوته .

 


ثمّة لائحة طويلة من الإيجابات عن أسئلة الجُبن والوهن و الحيرة للطاقم السياسي الذي اشتهر بخبرته السياسية في تدوير الزوايا وتحويل الخلافات الصعبة الى تسويات سهلة وعلى ضوئها يبدو سعد الحريري في أسوأ حالاته نتيجة تجربته المرّة في السياسة اذ انه خسر كل شيء ولم يبق معه ما يسعفه على الدفاع عن صلاحيات أقرّها الطائف فهو ولد فجأة وفي فمه معلقتي ذهب وزعامة وسرعان ما خسرهما في لحظة طيش مستشارين. بحيث أن ما بناه الرئيس رفيق الحريري بسنيين أحرقه وريث الحريرية السياسية بعود كبريت بفضل ذكور النحل التي تحيط به لأكل النحل والعسل دون عمل بل مجرد طنين لا أكثر داخل وخارج خلية المستقبل.

 

 

إقرأ أيضا : نوال السعداوي إمرأة بمليون رجل

 

 

 


وللشهادة على سعد الحريري تكفي وقفته المذلة على باب القصر لملء استمارة الرئيس لدخول السلطة او للمغادرة بحثاً عن أسباب تعيده اليها بعد أن أُتلفت لائحة حكومته بطريقة اعتبرها غير دستورية وكأن الكلمة تكفي كي يمشي على ضعف وخوف الى حيث يحتمي برؤوساء حكومات لا حيلة لهم طالما أنهم فقدوا القوّة التي كانت تحميهم جراء تجاربهم الفاشلة في الحكومات .

 


 لا مزيد من التعليق على جُبن الحريري الإبن ولا مجال لطرق باب دولة الرئيس نبيه بري لمعرفة أسباب وهنه  وحالة توعكه السياسي ويكفي أن نذكر أحد أسباب هذا الوهن الذي لم يبدأ مع تجرّأ الوزير باسيل عليه ووصفه بوصف لم يصفه به أحد من خصومه السياسيين ولكنه دشّن بداية التهميش لرجل كان يهمّش قادة العمل السياسي في لبنان فجاء وافد على العمل السياسي كيّ يهمشه بحيث أن مسار السياسة الرسمية بات بيد باسيل وهو سيد الحكومات بلا منازع وله حصة الأسد في كل الحكومات و للأخرين حصة الأرانب وتبيّن مدى مسكه لمسار السياسة في لبنان في المرحلة الحالية اذ ان عقدة الحل والربط بيده وقد يقول قائل بأن قوّة الوطني الحر من قوّة حزب الله وما الضير في ذلك فكل من على المشهد السياسي اللبناني احتاج لقوّة أخرى الى جانب قوته الذاتية وما يهمنا هنا ليس باسيل بقدر ما يهمنا هو وهن أسد لبنان لأن ازدياد هذا الوهن سينزع عنه صفة الأسد وقد يقول قائل بأن ثمّة أسباب وراء هذا الوهن ونحن نقول هناك دائماً أسباب كافية وراء كل شيء الا أنّ هذه الأسباب تؤكد النتائج ولا تنفيها والعاقل لا يتلهى بالأسباب ولا يتوقف عند حدود النتائج .