لن نقول فيها أكثر مما هي فيه من علم ومعرفة وثقاقة وبيان لسان وقلم وهذا قلّ ما اجتمع في إنسان لذا كانت علامة مميّزة بين أسماء المثقفين العرب وعلامة مضيئة في التجربة العربية النسوية وأكثر ما يميزها عن غيرها من المثقفين جرأتها التي قد تكون محصورة فيها ونيلها لأكثر نسبة عالية من الشتائم و التهديد والتكفير المتنوع من قبل خليط المجتمع العربي وتشكيلات نظمه وحكامه وأحزابه وقد برزّت حدّت رجال الدين ضدّها بشكل مباشر وقد وصلت الى حدّ التهديد بعد أن نالت حظها من نظام أنور السادات بالسجن الإفرادي .

 


وتكمن أهمية نوال السعداوي أيضاً في تاريخها النضالي سواء من خلال مهنتها في الطب ومزاولتها لمساعدة الناس أو من خلال دورها كمثقف يخوض معركتين بوسائل معرفية بحتة مع الأنظمة العربية ومع الشعوب العربية التي تحمل طبائع النظم والحكّام بل و بطريقة قد تكون أشرس بكثير من استبداد وظلم الطواغيت .

 

 

إقرأ أيضا : الإسلاميون من الرعاية الأميركية الى الحضانة الروسية

 

 


وتكمن أيضاً أهمية نوال السعداوي في استمرارها على أفكارها الطليعية وفي مواجهتها للعقول المتحجرة وللفحول المستبدة وفي مواجهة المجتمعات العربية المترنحة على سطوح أزماتها المتعددة من السياسة الى الثقافة وعلاقاتها مع الدين كبرقع يمنع العيون من النظر الى تطورات العصر وهذا في حد ذانه خياراً سعداوياً لم نلمحه في أحد من الرياديين العرب ومن النهضويين إذ بعد أزمة اليسار العربي دخل المثقفون العرب أفواجاً أفواجاً في كروش الأنظمة العربية والإسلامية في حين أن نوال السعداوي بقيت مع قلمها في محاكمة التجربة العربية – الإسلامية فكانت مؤلفاتها ثورة كتب بوجه الحكّام والمحكومين وبقي لسانها داخل حنجرنها ولم يغادرها كما فعل مثقفون آخرون إذ صدحت ألسنتهم بحناجر السلطات العربية – الإسلامية وبررت لخناجر أجهزتها وأحزابها ضرروة سمومها في خاصرة ما تبقى من نخب لا تصلي في مساجد السلطة .

 

 


في حياتها التي ملأتها حيوية زرعت نوال السعداوي بذور التجديد في الفكر العربي وفي السياسة العرية وفي الفهم الديني في أرض قد تكون غير ذي زرع  كما كانت أرض إمرأة إبراهيم الخليل ومن ثمّ هوت اليها أفئدة أمم و شعوب .
وفي مماتها فتحت عليها نيران الجهلة من أتباع الشبكات المستبدة في النظم وفي المجتمعات وهذا ما يؤكد أهمية هذه المرأة التي أيقظت المرأة العربية من سبات الرجل المستبد وأيقظت الأمّة من تاريخها العفن وأقلقت المؤسستين السياسية والدينية معاً فهابوها وخافوها على مصالحهم اذا ما تنوّرت الشعوب المعدومة في العتمة التاريخية واذا ما استفاق جيل على أفكار نوال السعداوي المهدمة لقصور القياصرة والطواغيت من أهل الدنيا والدين .
بتقديري أن ما تركته السعداوي من آثار كفيلة ببقائها حيّة الى قرون ولا إمكانية لدفنها في تابوت الأنظمة وفتاوى المفتيين وبتقديري أن نوال السعداوي إمرأة بمليون رجل عربي .