لم يبقَ أحدٌ في لبنان، منذ اندلاع الانتفاضة الشعبية في السابع عشر من تشرين الأول عام ٢٠١٩، إلاّ وحذّر من مغبّة الإنهيار المالي والاقتصادي والاجتماعي والسياسي القائم في البلاد، في حال تقاعسَ المسؤولون عن معالجة الأزمات الخانقة، حتى وصل الأمر أخيراً إلى سماع صوت المؤسسة العسكرية يصدح في وجه كلّ المحاولات الخبيثة التي استهدفتها، واستهدفت الوطن بكامله من وراء استهدافها، هذه الصيحة أطلقها منذ أيامٍ معدودات قائد الجيش العماد جوزف عون، مُوجّهاً رسالة تحذيرٍ أوّلية للمسؤولين السياسيين ( هذا في حال بقي عندنا أشباه هؤلاء المسؤولين)، كي ينهضوا من سُباتهم العميق، علّهم ينجحون في كبح جماح المأساة الفظيعة التي تأكل الأخضر واليابس، ويكتوي بنيرانها اللبنانيون صُبحَ مساء، وهذا ما يبدو صعب المنال، إن لم نذهب إلى استحالته، وهذا ما سيُرتّب في القريب العاجل مسؤولية مباشرة على قيادة الجيش، وقائده بالتحديد، وللمفارقة فقد سمعتُها اليوم من فم مُتظاهر طرابلسي "بسيط"، قالها بلا تحضير ولا تدبير ولا مُواربة ولا زخرفة: أُطالب قائد الجيش اللبناني أن يُنقذ لبنان، لبنان في خطر ( أي ليس في مأزق أو محنة)، الوطن في خطر، ويا سيادة العماد( إن كنتَ تريد سابقة) فقد فعلها عام ١٩٩٠ الجنرال عون، وهو  من يجب أن تقوم الثورة في وجهه، تمرّد على انتخاب رئيسي جمهورية( الشهيد رينيه معوض والراحل الياس الهراوي)، فاحتلّ القصر الجمهوري ووصفه بقصر الشعب، ورفض اتفاق الطائف، وقام بحلّ مجلس النواب، ولم يخرج إلاّ على أنقاض قصر بعبدا لاجئاً إلى السفارة الفرنسية، هذه سابقة لم يمر عليها الزمن، ويشهد عليها معظم اللبنانيين، بما فيهم أعضاء الطبقة السياسية الفاسدة التي تحكم هذا البلد المنكوب، فلمَ لا يقوم قائد الجيش العماد جوزف عون بإزاحة هذه الطبقة السياسية الحاكمة؟ وطردها على الأقل من "جنائن" الحكم، إن لم تُزجّ في السجون، فأوضاع لبنان اليوم هي أسوأ بما لا يُقاس بما كان عليه حال اللبنانيين عام ١٩٩٠، عندما احتلّ الجنرال عون قصر بعبدا، ووجّه قذائف المدفعية يميناً وشمالاً في حروبٍ عبثية دامية، لم تعُد على البلاد سوى بالدمار والضحايا، قبل إنهاء التّمرّد وعودة الاستقرار السياسي والشرعية للبلد بحدودها الدنيا.

 

إقرأ أيضا : جبران باسيل..تظهير صورة زائفة وكاذبة، بتزوير سياسي وأدبي فاضح.

 

 


قد يُقال: وفي هذا جوانب عِدّة من الصواب، بأنّ تركيبة البلد الطائفية، ووجود السلاح غير الشرعي هما عائقان فعليّان أمام خطوةٍ "مغامرة" كهذه، حسناً، في ظلّ الإنهيار الشامل، نتساءل كما سبق أن تساءل ذات يومٍ القائد البلشفي لينين: ما العمل؟!