وزير المالية السابق علي حسن خليل، الذي شغلَ هذا المنصب لمدة خمس سنوات من العام ٢٠١٤ وحتى العام ٢٠١٩، والذي انهارت مالية الدولة اللبنانية في عهده، وكانت قد ثارت حوله شُبُهات فسادٍ عدّة، تطالُ أملاكه العقارية وثرواته التي جناها من أموال الشعب اللبناني الصابر المحتسب، حتى وصل الأمر إلى فرض عقوبات اقتصادية ومالية عليه من وزارة الخزانة الأميركية، لحجم الفساد الذي تورّط فيه خلال الفترة الماضية التي تولّى فيها وزارة المالية. هذا الوزير وصلت به "الشّهامة" إلى اقتراح قانون مُعجّل بإعطاء القوى الأمنية والعسكرية( دون أن يُغفل شرطة مجلس النواب)، "إعاشة" مالية بقيمة مليون ليرة( أقلّ من خمسين دولار شهرياً) لكلّ فردٍ منها، ومع تسجيل الإعتراضات المُحقّة لعدم مساواة سائر الموظفين في القطاع العام مع الأجهزة الأمنية والعسكرية، في حال إعطاء بعض التقديمات الهزيلة والتي لا تُسمن ولا تغني من جوع، ولعلّها أشبه ما تكون بتلك الوصفة الطُّبيّة التي وصفها أحد مشايخ الجاحظ "المُوفّقين" لبخيلٍ اشتكى ضِيقاً في صدره، وسُعالاً أصابه، وبعد نصيحة البعض بتناول الفانيد السُّكري( نوعٌ من الحلواء، فارسي مُعرّب)، وأشار عليه آخرون "بالخريزة" التي تُتّخذ من النّشا والسكر ودهن اللوز وأشباه ذلك، فاستثقل المؤونة وكره الكُلفة ورجى العافية، حتى قال له بعض المُوفّقين: عليك بماء النخالة،  فاحسُهُ حارّاً، يقول: فحسوتُ، فإذا هو طيّبٌ جدّاً، وإذا هو يعصم( أي يمنع، يوقي)، فما جعتُ ولا اشتهيت الغداء في ذلك اليوم إلى الظهر، ثم ما فرغتُ من غدائي وغسل يدي، حتى قاربتُ العصر، فلما قرُب وقت غدائي من وقت عشائي، طويتُ العشاء وعرفتُ قصدي. وقلتُ للعجوز: لمَ لا تطبيخين لعيالنا في كلّ غداةٍ نخالة، فإنّ ماءها جلاءٌ للصّدر، وقوتَها غذاءٌ وعِصمة، ثمّ تجفّفين بعدُ النخالة، فتعود كما كانت، فتبيعينهُ إذا اجتمع بمثل الثّمن الأول، ونكون قد ربحنا فضل ما بين الحالين. فقالت: أرجو أن يكون الله قد جمع لك بهذا السّعال مصالح كثيرة، لما فتح الله تعالى لكَ بهذه النخالة، التي فيها صلاحُ بدنكَ وصلاح معاشك.

 

إقرأ أيضا : الرئيسين عون والحريري..بُخلاء خراسان والجاحظ.

 

 


عسى أن تكون العقوبات الأمريكية على معالي الوزير علي حسن خليل قد ألهمته "وصفة" النخالة المليونية التي فيها شفاءُ العسكر، وتعميم فائدتها بعد ذلك على سائر العِيال، وكما قال بعض الحكماء: مثلُ هذا لا يُكتسبُ بالرّأي، ولا يكون إلاّ سماويّاً.