قرع البطريرك جرس الانذار الذي يكاد ان يكون الاخير، قال البطريرك كلمته وهو لن يمشي فلبنان يكاد يزول ونحن نريد للبنان الحياة .
 

في يوم مشهود من تاريخ لبنان الحديث، وله ما له على مستوى شرقنا العربي أيضاً. ومن نافذة الصرح أمام الآلاف، دعا البطريرك الماروني بشارة الراعي، إلى وقف الانقلاب على الدولة، مؤكداً أن دعوته إلى حياد لبنان وعقد مؤتمر دولي برعاية الأمم المتحدة هي لإنقاذه وتحريره، مشدداً على ضرورة عدم السكوت عن السلاح غير الشرعي.

 


وجاء كلام الراعي أمام حشود شعبية توافدت إلى بكركي من مختلف المناطق دعماً لمواقفه، حيث قال إن خروج الدولة أو قوى لبنانية عن سياسة الحياد هو سبب ما نعاني منه.

 

 

وأوضح طالبنا بمؤتمر دولي لأن كل الطروحات رفضت حتى تسقط الدولة ويتم الاستيلاء على مقاليد السلطة، ونحن نواجه حالة انقلابية بكل معنى الكلمة.

 


ودعا الراعي، اللبنانيين، إلى عدم السكوت عن الفساد وعن فوضى التحقيق في جريمة انفجار المرفأ، ولا عن السلاح غير الشرعي وغير اللبناني، ولا عن سجن الأبرياء، ولا عن التوطين الفلسطيني ودمج النازحين، ولا عن مصادرة القرار الوطني، ولا عن الانقلاب على الدولة والنظام، ولا عن عدم تأليف حكومة وعدم إجراء الإصلاحات، وقال حررنا الأرض فلنحررها من كل ما يعوق سلطتها وأداءها.

 

 

نريد قوة التوازن لا توازن القوى ووُلدنا لنعيش في مروج السلام الدائم لا ساحات القتال الدائم. كذلك كان صريحاً ومباشراً في دفاعه عن الوفاق والشراكة والتدويل، عندما قال إن اتفاق الطائف لم ينفذ بكامله، وهو اتفاق وقّع برعاية عربية ودولية.


الرسالة واضحة لأن الخطر واضح، ومصدر الخطر معروف.


وقال الراعي امام الجموع، وبينهم رجال دين مسلمين، نريد من المؤتمر الدولي إعلانَ حيادِ لبنان فلا يعود ضحية الصراعات والحروب، وأرض الانقسامات.

 

نجح سيد بكركي كما نجح اسلافه كالبطريرك الحويك والبطريرك صفير بتشخيص الداء الذي يعاني منه اللبنانيون ، متمنيًا على أشقاء لبنان وأصدقائه مدّه بالدواء الشافي ويد العون لمساعدته في عمق ما يعانيه من عقمٍ جراء تراكمات ليس آخرها التعطيل الحاصل بتأليف حكومة جديدة، وهو ما سعى لمعالجته البطريرك جاهدا عبر محاولته تدوير الزوايا بين رئيس الجمهورية ميشال عون والرئيس المكلّف سعد الحريري لكنه وصل الى حائط مسدود. وفي حين لاقى كلام البطريرك أمس ترحيباً من القوى السياسية التي تتلاقى معه على القناعة بإنقاذ الكيان اللبناني رغم تباينات عرضية في بعض المضامين، فإن ما تسرّب عن حزب الله مواربةّ أو عبر قناة المنارالناطقة باسمه، أعطى انطباعاً واضحاً عن الموقف السلبي من مشهد بكركي، والحزب يتجنّب هذه الخطوة، واليوم يقف أمام تطور داخلي جديد يُنذر بإعادة خلط الأوراق، ويواجه لاعبا جديدا هو البطريرك الراعي الذي يحاول الإمساك بزمام المبادرة مع طرح وطني سياسي هو الأكثر وضوحا وجرأة في الوقت الحاضر. 

 

 

إقرأ أيضا : لبنان : الولادة القيصرية للحكومة لم تنجح

 

 

فبكركي، أطلقت دينامية، قد لا تتحقق بسرعة، لكن ستكون ككرة الثلج، على غرار الدينامية التي أطلقها البطريرك صفير، التي استلزمت 5 سنوات لتصل إلى نهايتها الايجابية بخروج السوريين من لبنان. . لذلك فإنّ خشية الحزب أن تشكّل الدينامية الجديدة التي أطلقها الراعي في ظل الوضع المأزوم لبنانياً، الى طرح مسألة سلاحه ودوره في أي مؤتمر دولي، خصوصاً انّ هذا السلاح هو الذي يشكل الأزمة الحقيقية لمنع قيام دولة في لبنان ويحول دون تطبيق الدستور والقوانين وأدى إلى نشوء طبقة سياسية فاسدة، تغطي سلاح الحزب ودوره مقابل أن يغطّي فسادها، وهو ما أوصل لبنان إلى مصاف الدولة الفاشلة

 


مع الطرح البطريركي الجديد، دخل لبنان مرحلة جديدة. وبالنسبة الى البطريرك لا يمكن للأمور ان تستقيم إلّا بمؤتمر دولي، وهو ذكر أكثر من مرة انّ اتفاق الطائف نجح في إنهاء الحرب، لكنه لم ينجح في بناء الدولة. لذا، يجب ان يكون هناك مؤتمر للبنانيين يساهم في بناء دولة لبنانية، لم يتمكن اتفاق الطائف من بنائها، إن نتيجة الاحتلال السوري أو نتيجة سطوة السلاح غير الشرعي. والراعي في خطوته، أجرى ربط نزاع مع المجتمع الدولي، لسببين: الأول، من اجل ألّا تكون هناك أي مقايضة حول لبنان وألّا يُصار إلى تسليمه لوصاية دولة اخرى نتيجة اي تسوية كما حصل عام 1990 عندما فُوّض الى سوريا إدارة الملف اللبناني. وثانياً، لأنّ الأمور وصلت إلى مكان لم يعد في الامكان أن تستمر، ما يتطلّب تسوية جديدة ترتكز على اتفاق الطائف والدستور والقرارات الدولية. 

 

 

من هنا، يمكن للبطريركية أن تستفيد من التحركات الشعبية من جهة، والسياسية من جهة أخرى حتى يكون لصوتها صدى في الصروح الدولية.


لهذا، كان أمس، يوم استعادة الدولة ، وإنقاذ الهوية من العاملين على تغييرها وتأكيد الحد الأدنى من تعايش لم يسبق أن تهدّد في الصميم كما هو مهدّد حالياً.


قرع البطريرك جرس الانذار الذي يكاد ان يكون الاخير، قال البطريرك كلمته  وهو لن يمشي فلبنان يكاد يزول ونحن نريد للبنان الحياة .