لا بدّ للمحقق العدلي الجديد في انفجار مرفأ بيروت القاضي طارق بيطار، بحسب مصادر قضائية مطلعة، من الرجوع عن قرار ملاحقة الوزراء السابقين علي حسن خليل وغازي زعيتر ويوسف فنيانوس وغيرهم من الوزراء، لأنّه من صلاحية المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء، حسب قرار محكمة التمييز، التي نحّت القاضي فادي صوان بسبب تلك «الحصانات» التي لم يلتزم بها. وتلفت المصادر القضائية المتابعة، الى انّه لا يمكنه تخطّي قرار محكمة التمييز، وإلّا فسيضع نفسه مجدداً موضع سلفه في «الارتياب المشروع». علماً أنّ التحقيقات في عهد بيطار ستشهد تغييراً جذرياً، ولن يتمّ الطعن بقرار محكمة التمييز لعدم الجدوى بعد تعيين محقق عدلي جديد.

 

قد يتفاجأ البعض بتراجع بيطار «المفترض» عن استدعاء الوزراء السابقين الثلاثة. وقد يعتبر البعض انّها خطوة غير متقدّمة لعدم شعبويتها، خصوصاً انّ اهالي الضحايا لن يرتاحوا الى هذه الخطوة، إلّا أنه وفق المراجع القضائية المطلعة هي الخطوة القانونية الصحيحة والدستورية، التي ادّت مخالفتها الى تنحية القاضي فادي صوان، وبالتالي، المُنتظر من القاضي الجديد تصويب مسار التحقيق بطريقة حكيمة، تنصف ذوي الضحايا وتحترم في الوقت نفسه الاصول القانونية الموجبة.

 

وترى المصادر القضائية المطلعة، انّ لا بدّ لبيطار في بداية مهمته من أن ينطلق من حيث انتهى صوان، وهو بالتالي ملزم بادعاءات النيابة العامة التمييزية على جميع المدّعى عليهم، بعد ان إستُمِع اليهم واتخذ قراراً بتوقيفهم. وتقول، انّ النقطة المهمة تكمن في الإجراءات المنفردة التي اتخذها صوان من تلقاء نفسه من دون ادّعاء النيابة العامة، كالإدعاء على رئيس الحكومة وبقية الوزراء. مشيرة الى انّ هناك رأيين قضائيين يتعلقان بهذه الخطوة:


 
 

الاول، رأي النيابة العامة التمييزية الذي يقول، إنّ هذه الإجراءات هي باطلة اصلاً لعدم دستوريتها وقانونيتها، واتُخذت خلافاً لرأيها، خصوصاً وانّ القرار في دعوى «الإرتياب المشروع» يُبنى على خرق المحقق العدلي مبدأ خرق الحصانات المنصوص عنها في الدستور والقوانين.

 

وبالتالي، تؤكّد مصادر النيابة العامة التمييزية، انّ بيطار لا بدّ من ان يلتزم بقرار محكمة التمييز الجزائية.

انما هناك رأي معاكس يقول، انّه لطالما تحرّكت الدعوى العامة في وجه هؤلاء، فلا بدّ ان تسلك طريقها وتصل الى نتيجة في القرار الظني بمنع المحاكمة او غير ذلك.

 

كيف يبدأ بيطار؟

سبق النيابة العامة التمييزية ان سلّمت صوان مطالعة تتعلق بالحصانة التي يتمتع بها رئيس الحكومة والوزراء، وكذلك مطالعة بالدعوى المقامة في حق اللجنة المؤقتة لمرفأ بيروت، إلّا أنّ صوان لم يأخذ بهما، وعلى المحقق العدلي الجديد، بحسب المصادر القضائية نفسها، اتخاذ قرار في هذا الشأن واعلان عدم قانونية هذه الإجراءات.

أما بالنسبة الى التواصل مع السلطات القضائية الخارجية، فتلفت المصادر نفسها، الى انّ صوّان تواصل مع القضاء الفرنسي والـ FBI، ولم يمداه سوى بتقارير عامة غير كافية، كاشفة عن انّ التعاون الخارجي ينحصر اليوم بالدور الذي تقوم به النيابة العامة التمييزية، بشخص المحامي العام التمييزي غسان الخوري، الذي يواصل دورياً مراسلات مع بريطانيا وغيرها من الدول، لتبيان هوية مالك الشركة المستورده لمادة نيترات الامونيوم، وهوية المستفيد الاقتصادي منها، والحصول على المعلومات عن جميع المتورطين بجلب هذه المادة الى مرفأ بيروت.

وأضافت المصادر، أنّ على بيطار اليوم إجراء مراسلات مع السلطات القبرصية بواسطة النيابة العامة التمييزية، لكي تكشف له عن هوية اصحاب الشركة في قبرص التي ابتاعت النيترات، ومن هم المستفيدون منها مباشرة او مواربة. كذلك على بيطار ايضاً، الاستفسار عن نتيجه المراسلات مع السلطات الروسية، جواباً على مراسلات النيابة العامة التمييزية التي طالبتها بالقبض على ربان الباخرة ومالكها. ولفتت المصادر، الى انّه لا بدّ لبيطار من أن يطلب من الروس المساعدة. وكذلك الامر بالنسبة الى السلطات في موزمبيق، التي بدورها تطالب باستفسارات عن الاستنابة القضائية التي ارسلتها اليها النيابة العامة التمييزية اللبنانية، وطلبت منها فيها التأكّد من انّها هي فعلاً من طلب البضاعة، كذلك طلبت تزويدها أسماء الاشخاص او الشركات التي تعاقدت معها عند طلب البضاعة.

 

ماذا عن القرار الظني؟

وقالت المصادر القضائية لـ»الجمهورية»، إنّ الملف في انفجار مرفأ بيروت لا يمكن ان يكون جاهزاً لإصدار القرار الظني كما يفترض البعض، إذ يجب استكمال التحقيق قبلاً ومعرفة هوية من استقدم النيترات، وبعدها يتمّ إصدار هذا القرار الظني، بعد ان تصدر مذكرات التوقيف التي ستكون غيابية، لأنّ المعنيين سيكونون خارج لبنان في حال كشفت السلطات الدولية للقضاء اللبناني المعلومات اللازمة. واكّدت المصادر، «انّ اموراً اساسية ومهمّة تمّ اكتشافها، وهي تحتاج الى تعاون دولي».

في المقابل، أشارت المصادر القضائية نفسها، الى انّ القرار الظني من المنتظر ان يصدر في حق جميع المتورطين الذين صدرت او ستصدر في حقهم مذكرات توقيف، وخصوصاً اولئك الذين أُوقفوا بتهمة الاعتداء على امن الدولة، كربان السفينة ومالكها ومشتري البضاعة. ومن المؤكّد انّه ستكون هناك ادّعاءات اخرى على أجانب، نتيجة الاستنابات التي ستأتي من الخارج. ومن المنتظر ايضاً ان يصدر القرار الظني بحق كل الاشخاص المقصّرين بالقيام بواجباتهم الوظيفية واحالتهم الى المجلس العدلي، حتى ولو قبل المحقق الجديد طلبات تخلية سبيلهم، لأن التوقيف واخلاء السبيل يتبعهما حكماً وقانوناً قرار ظني في حق كل من يُخلى سبيله.