فإذا كان أولياء الدم، واهل الفقيد صرحوا علنا وجهارا بأنهم لا يثقون بالقضاء اللبناني ولا ينتظرون كشف القاتل الذي يعرفونه، فلا نستغرب حينها من ان يلجأ هؤلاء الى رفع هاتف لقمان، كما رفع اولئك قميص عثمان، فإن القوم أبناء القوم .
 

سمعنا قبلا عن "قميص عثمان"، ولمن لا يعرف قصة هذا القميص، فهي ببساطة انه وبعد مقتل الخليفة الثالث عثمان بن عفان، على أيدي "ثوار" مصر الذين قدموا الى المدينة يشتكون واليهم المعين من قبل الخليفة والذي نالهم منه على يديه ظلما كثيرا، وبعد ان اكتشفوا على طريق عودتهم بأن الكتاب الذي يحملونه ليس هو كتاب عزل الوالي وانما بالعكس تماما عاد هؤلاء المصريون وطوقوا دار الخلافة، وحاصروه لايام ومن ثم تسلقوا جدرانه وقتلوا حراسه حتى وصلوا الى الخليفة عثمان وقتلوه.

 

وفي وقت الحصار الذي استمر اكثر من اربعين يوما، بعث الخليفة عثمان الى معاوية (واليه على الشام) بأن يرسل جيشه ويفك الحصار وينهي حركة الاحتجاج، إلا أن معاوية تلكأ وتباطأ حتى كان ما كان، وكان خلف هذا التباطؤ غاية في نفس معاوية ورغبة منه بالتخلص من الخليفة كمقدمة ضرورية لوصوله هو الى الخلافة.


 
هذا المعاوية نفسه، الذي رغب بالتخلص من عثمان، ولم ينصره، ولم يرسل جيشه لنجدته، ومن اجل الغاية نفسها أعلن الحرب والتمرد على الخليفة الشرعي علي بن ابي طالب بعد أن بايعه الناس واهل الحل والعقد بعد الخليفة المقتول، ومن اجل تجييش الناس وتحت شعار "الثأر لعثمان" رفع قميصه في مقدمة الجيش واستعمله لخداع الجماهير البسيطة لتجييشها وحشدها واثارة غرائزها، فيما الهدف الحقيقي هو مكان آخر تماما، فانطلت الخديعة على كثير من الناس وسُفكت الدماء حتى وصل معاوية الى العرش 

 

 

إقرأ أيضا : حزب المقاومة، والتخوين الجمعي!

 


فكم يشبه "قميص عثمان" اليوم "هاتف لقمان" .


 فينشغل إعلام من كانوا حتى الامس القريب من اشد الشامتين بمقتل لقمان والمروجين لتحسس رقاب لقمان وكل المعارضين معه، والداعين الى قتله، ينشغلون الآن بتسليم هاتفه الى القضاء اللبناني، وتحول المطلب الاهم والشغل الشاغل ليس هو تسليم القتلة والمجرمين وانما تسليم الهاتف!! وطبعا تحت شعار خادع هو سلامة التحقيق 


حسنا فعلت رشا شقيقة لقمان، بعدم تسليم الهاتف، فهي تعلم وكل اللبنانيون معها يعلمون بان محتويات الهاتف سوف تصل حتما الى الجهات الممسكة بالقضاء وبالاجهزة الامنية اللبنانية، وسوف تصل حتما الى من لم يخجلوا بالتعبير عن فرحهم بقتله.

 

 

أعتقد جازما بأن هاتف لقمان لا ولم يتضمن اية معلومات خطيرة، او اتصالات مشبوهة كما يحاول ان يوحي المطالبون بتسليمه، وهذا أمر بديهي، الا ان مجرد التعرف على أرقام اصدقاء لقمان من شخصيات ثقافية وناشطة ووصولا حتى الى الدكنجي واللحام وصاحب الفرن الذي كان يشتري منه لقمان، فإن كل هؤلاء سيتحولون الى مشبوهين عند الجهة الشامتة، وهذا هو المطلوب كل المطلوب من الاهتمام الكبير بتسليم الهاتف ولا شيء غيره 
فإذا كان أولياء الدم، واهل الفقيد صرحوا علنا وجهارا بأنهم لا يثقون بالقضاء اللبناني ولا ينتظرون كشف القاتل الذي يعرفونه، فلا نستغرب حينها من ان يلجأ هؤلاء الى رفع هاتف لقمان، كما رفع اولئك قميص عثمان، فإن القوم ابناء القوم .