في ذكرى مرور ستة أشهر على وقوع الانفجار في 4 آب الماضي ، وجّه اهالي الموقوفين في قضية انفجار مرفأ بيروت، كتاباً مفتوحاً الى المسؤولين والرأي العام اللبناني، ناشدوا فيه المعنيين " إنصاف الشهداء ورفع الظلامة عن الموقوفين وترك التحقيقات تسير باتجاهها الصحيح المؤدّي إلى كشف الفاعلين الحقيقيين لجريمة العصر والعبور من حصر الاتهامات ضمن المسؤوليات الادارية الى أبعد من ذلك".

 

وجاء في الكتاب:

 

"على أثر الفاجعة الأليمة التي أصابت كلّ لبنان بنتيجة إنفجار مرفأ بيروت الذي وقع بتاريخ الرابع من آب عام 2020 ، وما رافق ذلك من ملابسات على شتى الصعد ، ولا سيما الإستغلال السياسي والإعلامي للحالة الكارثيّة التي مرّ بها وطننا الحبيب ولا يزال ، حيث تداعى البعض إلى اقتناص الفرصة لبثّ الاحقاد ومحاولة تحقيق مآرب شخصيّة صغيرة ، محاولين تحوير الحقائق وإشاعة مناخ تحريضيّ معيّن، ومع الإشارة إلى أننا لم نعتد في لبنان وعلى مرّ السنوات الماضية وبالرغم من كلّ المآسي والجرائم التي عصفت وضربت مجتمعنا على توقيف أي مسؤولين من الصف الأوّل لا بل على العكس كان يصار دائماً إلى وضع الحواجز والخطوط الحمراء أمام القضاء.

 

ولكن في بداية التحقيقات في إنفجار المرفأ فقد كان الأمر مختلفاً، إذ إننا كأهالي موقوفين وعلى غرار كلّ اللبنانيين إستبشرنا خيراً، حيث قام القضاء بالضرب بيدٍ من حديد بالرغم من توقيف أبنائنا المسؤولين الإداريين في الموضوع وكان التوجّه هو التحقيق مع أبنائنا للوصول إلى معرفة المسؤول المباشر عن هذا الإنفجار والذهاب بالتحقيق حتى النهاية وإستدعاء وتوقيف ومحاسبة كلّ المسؤولين المباشرين عن هذا الإنفجار الأليم ومهما علا شأنهم،ولكن ما حصل هو العكس تماماً إذ تمّ الإكتفاء بتوقيف أبنائنا الذين لا ناقة ولا جمل لهم في الموضوع وتمّ غضّ الطرف عن المسؤولين المباشرين.


 
 

آثرنا بداية كأهالي موقوفين الترقّب وترك التحقيق الذي نثق به يأخذ مجراه بالرغم من أنّ أبناءنا وكمسؤولين إداريين قد اتخذوا الاجراءات الادارية وفقاً للصلاحيات الممنوحة لهم بموجب القوانين المرعية الإجراء، لا بل أكثر من ذلك ، فقد قام البعض بإتخاذ اجراءات لا تدخل ضمن اختصاصه قانوناً ، إنما تصرّف حرصاً منه على سلامة العاملين والموظفين في مرفأ بيروت وحمايةً لأرواحهم من أيّ خطر محدق ، وهو واجب إنساني يفرضه القانون على كلّ مواطن لبناني بغضّ النظر عن صفته، ولكن كلّ ذلك لم يشفع بأبنائنا إذ إن المسؤوليين الفعليين اليوم هم خارج القضبان وطليقون، أمّا أبناؤنا الذين قاموا بكلّ ما يمليه عليهم القانون فهم موقوفون.

 

اليوم ، ونحن على أبواب إنتهاء الشهر السادس على التوقيفات وبعد أن تبيّن من خلال التحقيقات والإدّعاءات التي قام بها حضرة المحقق العدلي بأنّ هناك مسؤولين من الصف الأوّل يقتضي التحقيق معهم بصفة مدّعى عليهم لمعرفة من قام بإحضار وتخزين ومنع تلف النتيرات التي إنفجرت في المرفأ ودمرت العاصمة وليس أبناءنا الذين قاموا بكل ما بوسعهم لتجنّب هذه الكارثة.ولكن من الواضح بأنّه كان هناك قرار أكبر منهم وأعلى منهم منع إتّخاذ القرار المناسب بهذا الخصوص .أمام هذا الواقع بدأت محاولات من قبل البعض للفلفة التحقيق ومنع حضرة المحقّق العدلي من متابعة التحقيقات بنفس الزخم وصولاً إلى محاولة سحب الملف من هذا الأخير ما حدا إلى التأخير بالتحقيقات وما ينبىء بأنّ التحقيقات ستكون طويلة ومضنية ومعقدّة، وبما اننا في بلد ينادي دستوره بالمساواة بين جميع المواطنين، فأننا نرى بأنّ أبناءنا اصبحوا عالقين بين التجاذبات السياسية و القضائيّة، بحيث تحوّلوا الى ضحايا ينتظرون العدالةً التي تنصفهم وتخرجهم من هذا المأزق، خاصة وانهم جميعاً يعملون ضمن نطاق المرفأ وكادوا ان يكونوا هم انفسهم شهداء، فهل يعقل انهم ارادوا الانتحار؟

 

و حيث أنّ ما نتج عن كارثة إنفجار مرفأ بيروت من شهداء وجرحى ومن خسائر ماديّة ومعنويّة ونفسيّة قد طالت جميع اللبنانيين دون استثناء ، ربما لن نستطيع تجاوز آثارها لسنوات عديدة في المستقبل ، و لن يشفي غليل كلّ اللبنانيين عموماً وأهالي الشهداء والجرحى خصوصاً سوى حقيقة بعيدة عن الضغوط والتهديدات والتجاذبات الشعبوية.

 

نعم ، نريد الحقيقة ، الحقيقة كما هي ، الحقيقة التي تجيب قطعاً على الأسئلة التالية:

1- من هو المالك الحقيقي للسفينة ؟

2- من هو المالك الحقيقي لنترات الأمونيوم ؟

3- من هي الجهة التي استوردتها ؟

4- من هي الجهة التي نقلتها من جورجيا ولمصلحة من ؟

5- هوية الشركات الوهميّة في المملكة المتحدة وقبرص ؟

6- ما هي علاقة الاشخاص الذين وردت أسماؤهم في الإعلام وتحديداً في التقارير الإستقصائيّة ؟

7- من سعى الى افراغها في مرفأ بيروت ولمصلحة من ؟

8- من فرض سلطته لإبقائها طوال هذه المدّة ، بالرغم من كلّ التنبيهات والكتب التي أرسلت من قبل أبنائنا المعتقلين ، سواء أكانت تسلسليّة إداريّة أو إداريّة موجّهة مباشرة إلى القضاء المختصّ الذي سبق ان أمر بوضع حارس قضائي عليها ؟

10 - من استفاد مادياً من هذه " الصفقة" من شراء وبيع لهذه المواد؟


 
 

وغيرها من الأسئلة، التي من شأنها أن تظهر الجهة و/أو الجهات المسؤولة حقيقة عن الإنفجار المشؤوم ، وبالتأكيد ليسوا أبناءنا المعتقلين ، كونهم موظفين يتقيّدون بالقوانين، وبالتالي لم يكن يحق لهم رفض اي قرار صادر عن سلطة قضائية بأفراغ الحمولة ( ومن الارجح انه تمّ تضليل هذه السلطة القضائية في حينه)، كما لم يكن يحق لهم بيع هذه المواد لوجود حارس قضائي عليها، كذلك لم يكن يحق لهم اتلافها ايضاً لوجود حراسة ولان الاتلاف يستوجب اساساً اصول واجراءات وموافقات وزارية عديدة.، والمحقّق العدلي على بيّنة تامّة من هذا الواقع وهذا ما حدا به إلى الإدّعاء على مسؤولين من الصف الأوّل وهذا ما أدّى ويؤدّي بالتأكيد إلى محاولة لفلفة التحقيق ومنع المحقّق العدلي من المضي قدماً وحتى النهاية لإحقاق الحق.

 

إنطلاقاً من ذلك كله ، جئنا بموجب هذا الكتاب ، نخاطب ضميركم الحيّ ونستصرخ وجدانكم، ونقول لكم : كفى توقيفات وكفى ظلماً لابنائنا وكفى ظلماً لأهالي الشهداء ولكل اللبنانيين، نناشدكم بأن تتخذوا القرار الجريء بإطلاق سراحهم فوراً، سيّما أنّ أبناءنا موجودون في لبنان ولهم محلّ إقامة معروف وهم على إستعدادٍ تامّ لكل ما يمليه عليهم القانون، وخاصةّ بأنّ البلاد تمرّ بظروف إستثنائية على كافّة الصعد الصحيّة منها أو الإقتصادية ما يجعل الحاجّة ملحّة إلى تواجد أبناءنا بين أهلهم ومع ذويهم وأودلادهم ودون أن يؤثّر ذلك قط على إجراءات التحقيق انصافاً للشهداء، واحقاقاً للحق ورفع الظلامة، دعوا التحقيقات تسير باتجاهها الصحيح المؤدّي إلى كشف الفاعلين الحقيقيين لجريمة العصر والعبور من حصر الاتهامات ضمن المسؤوليات الادارية الى ابعد من ذلك ، وهذا لتبقى بيروت ام الشرائع ولكي يبقى لبنان موطن الحريات الحق".