أكّدت منظّمة "​هيومن رايتس ووتش​"، أنّ "السلطات اللبنانية تقاعست عن إحقاق العدالة خلال الأشهر الستة الماضية، بعد الانفجار الكارثي الّذي وقع في ​مرفأ بيروت​ في 4 آب 2020. التحقيقات المحليّة المتوقّفة، المليئة بالانتهاكات الجسيمة للإجراءات القانونيّة، ومحاولات الزعماء السياسيّين لوقف التحقيق تُعزّز الحاجة إلى تحقيق دولي مستقل".


وأشارت إلى أنّ "التحقيق توقّف منذ 17 كانون الأوّل 2020، بعد أن قدّم وزيران سابقان متّهمان في القضيّة اعتراضًا يطلب من ​محكمة التمييز​ اللبنانية استبدال قاضي التحقيق ​فادي صوان​. ليس من الواضح متى سيُستأنف التحقيق". وذكر أنّ "صوان وجّه منذ آب، اتهامات إلى 37 شخصًا، 25 منهم محتجزون في ظروف يبدو أنّها تنتهك حقوقهم في الإجراءات القانونيّة الواجبة. الموقوفون هم في الغالب من ذوي الرتب المتوسّطة والمنخفضة من موظّفي ​الجمارك​ والمرفأ وأجهزة الأمن، وتقول عائلاتهم ومحاموهم إنّ السلطات القضائية لم تقدّم بعد التهم أو الأدلّة المحدَّدة ضدّهم".

وركّزت الباحثة في "هيومن رايتس ووتش" آية مجذوب، على أنّ "السلطات اللبنانية وعدت علنًا بأنّ التحقيق في الانفجار الّذي قَتل أكثر من 200 شخص ودمّر نصف المدينة، سيستغرق خمسة أيّام. لكن بعد ستة أشهر، لا يزال الناس ينتظرون الإجابات. علاوةً على ذلك، يبدو أنّ المحكمة الّتي تتعامل مع القضيّة تجاهلت حقوق المتّهمين المحتجزين في إجراءات التقاضي السليمة، ما يشير إلى أنّها غير قادرة أو غير راغبة في تحقيق العدالة".

وبيّنت المنظّمة أنّ "في 10 آب الماضي، أحالت ​الحكومة اللبنانية​ تفجير بيروت إلى "​المجلس العدلي​"، وهو محكمة خاصة، وفي 13 آب، سمّت وزيرة العدل صوان محقّقًا عدليًّا في الجريمة. كانت تسمية صوان مبهَمة ومحاطة بالتدخّل السياسي المزعوم. رفض "مجلس ​القضاء​ الأعلى" تعيين قاضيَين اقترحتهما وزيرة العدل، لكنّه رفض توضيح السبب، قائلًا إنّ مداولاته سريّة". وأوضحت أنّه "بعد أن ينهى صوان تحقيقه، يمكنه أن يقرّر إيقاف المحاكمة أو توجيه لائحة اتهام إلى المتّهمين وإحالتهم إلى المجلس العدلي. لكن هناك أيضًا مخاوف جديّة بشأن استقلال المجلس العدلي".

وركّزت على أنّ "​مجلس القضاء الأعلى​، المسؤول عن التوصية بتعيين القضاة في محاكم معيّنة، يفتقر أيضًا إلى الاستقلالية، وكان وسيلةً للتدخّل السياسي في القضاء. تُعيّن السلطة التنفيذيّة ثمانية من أصل عشرة من أعضائه. كما أنّه يَفتقر إلى الاستقلال المالي، حيث يتمّ تخصيص أمواله ضمن ميزانيّة ​وزارة العدل​. ولطالما انتقد "​نادي قضاة لبنان​" صراحةً عدم استقلاليّة القضاء وهو يقود جهود الإصلاح".

كما أفادت بأنّ "قرارات المجلس العدلي غير قابلة للاستئناف. ينتهك غياب الاستئناف الحقّ في محاكمة عادلة، ما يضمن حقّ كلّ مُدان بجريمة في مراجعة إدانته والحكم الصادر بحقّه"، مشدّدةً على أنّ "التدخّل السياسي أدّى إلى تعطيل التحقيق وملئه بالعيوب". وأشارت إلى أنّ "صوان وجّه اتهامات ذات صلة بالانفجار إلى رئيس حكومة تصريف الأعمال ​حسان دياب​ وثلاثة وزراء سابقين في 10 كانون الأوّل. لكن رئيس الوزراء واثنين من الوزراء السابقين رفضوا المثول للاستجواب، وقال وزير الداخلية في حكومة تصريف الأعمال، ​محمد فهمي​، إنّه لن يطلب من ​الأجهزة الأمنية​ توقيفيهم، حتّى لو أصدر القضاء مذكّرات توقيف بحقّهم".