بات من المسلمات البديهية أن إرتداء الكمامة هي ركن أساسي من ركائن الوقاية الصحية في زمن تفشي جائحة الكورونا مع مستجداتها، لكن ماذا عن أنواع الكمامات ومدى فعاليتها من حيث القيمة الوقائية، وماذا أيضاً عن "trend" كمامات القماش التي راجت أخيراً ليس في لبنان فقط بل في العالم كله؟

 

 

من المعروف أن الكمامة تساعد على تقليل انتشار الفيروسات على أنواعها، وليس فقط فيروس الكورونا، والتي تنتشر عن طريق إفرازات الجهاز التنفسي عبر التحدث أو السعال أو العطس أو التنفس بحيث تنبعث جزئيات مختلفة الأحجام تحتوي الفيروسات، من هنا فإن ارتداء الكمامة بات أمراً إلزامياً يشكل الخطوة الأولى في رحلة الألف ميل نحو الشفاء والتخلص من وباء الكورونا اللعين.

 


الكمامات الرائجة أربعة ذات مستويات متفاوتة الأداء وحتى المعايير الدولية، فهناك الكمامة الطبية أو الجراحية المستخدمة من قبل الأطباء ومقدمي الرعاية الصحية، الكمامة الورقية ضد الكربون وهي الأكثر شيوعاً لدى الأشخاص الذين يعانون من حساسية الربيع الموسمية أو الحساسية ضد الغبار وبعض الروائح و كمامة N95(لها تسميات أخرى) وهي الأكثر فعالية إذ إنها اكتسبت تسميتها من نسبة الوقاية التي تصل الى 95%، إضافة الى الكمامة القماشية القابلة للغسل وإعادة الإستعمال .

 


وفي تعداد الأنواع الرقمية، فالكمامة kn95 تستوفي المعايير الصحية في الصين، K95 في الولايات المتحدة الأميركية و(3-2-FFP(1 في دول الإتحاد الأوروبي، لكن ماذا عن كمامة القماش التي قد تكون منزلية الصنع؟ وماذا عن الطباعة والتطريز والتصميم حسب الطلب في لبنان؟

 

لا ينصح أهل الإختصاص باستعمال كمامة القماش منفردة فهي لا تكفي للوقاية من إلتقاط الفيروسات لأن القماش، أيا كان نوعه، يتألف من خيطان ذات سماكة مختلفة بين نوع وآخر، بحيث تكون سماكة الخيط عموماً أكبر من الفراغات التي تفصله عن باقي الخيطان، ما يسمح بتسرب جزئيات الفيروس التي تتصرف، مع القماش، مثل الرصاص الذي يصطدم بالحائط، ما يسهم في ارتدادها و" انحشارها" داخل القماش، وبذلك تسجل نسبة وقاية متدنية لا تتخطى 60%، الا اذا كانت الكمامة مصنوعة من القطن المنسوج الكثيف.

 


يشدد الأطباء عموماً، في حال الإصرار على استعمال كمامة القماش على استخدام كمامتين في نفس الوقت: واحدة طبية وثانية قماشية، خصوصاً على نطاق الأماكن العامة، مع أفضلية ترك الكمامة الطبية ذات الإستعمال الأحادي للطواقم الصحية.

 


وفي الوقت الذي لا يعترف فيه بعض اللبنانيين بوجود الجائحة من أساسها، فإن جزءاً منهم بات يتبع خطوط الموضة في ارتداء الكمامات من خلال إختيار اللون المتناسق مع لون الثياب، أو من خلال التطريز أو الطباعة التي قد تكون ذات دلالات موسمية خلال فترة الأعياد، أو حزبية للإشارة الصريحة الى انتماء صاحبها السياسي، أو حتى شعارات وطنية مثل العلم اللبناني أو أعلام وشعارات بعض الأجهزة العسكرية، إضافة الى كمامات "original" تحمل روسم الشفاه المبتسمة أو القلوب الملونة في محاول لإضفاء بعض من المرح في زمن الضغط النفسي والصحي الذي تتسبب به الجائحة.

 


بين السلامة والأناقة، خيوط رفيعة لا ترد بشكل كامل الإصابة بفيروس الكورونا الكارثي، فحذار "الإستلشاق" بصحتنا وصحة الآخرين، "خليك عا الموضة" إنما لا تنسى أن ترتدي كمامتين.

 

لينا غانم