فإذا كان هنالك حقا من مؤامرة يا سيد، فهي حتما وبنظر كل الناس هي ما اوصلتمونا اليه، ولكن للاسف فإن هذه المؤامرة لا تراها يا سيد .
 

ما إن نزلت الناس التي تئن من وطأة الجوع والعوز والفقر في 17 تشرين، ومعهم اولئك الذين ضاقت صدورهم وأسماعهم  من أخبار الفساد والصفقات والسرقات والنهب المنظم لوطنهم وثرواته، آملين ببلد تحكمه القوانين والانظمة ويسوده الحد الأدنى من العدالة الاجتماعية والحياة الكريمة، ما إن نزل هؤلاء إلى الشوارع والساحات، حاملين شعار التغيير الحقيقي وشعار طرد اللصوص والفاسدين من هيكل الدولة، تتالت حينها إطلالات السيد حسن نصر الله وبشكل مكثف، ليخبرنا عن "المؤامرة" التي لا يعرف عنها هؤلاء المساكين المنتفضين على واقعهم المزري، وعن "السفارات" التي تحرك الناس الجوعى والفقراء مستغلين اوضاعهم ومعاناتهم، واستنفر حزبه وبيئته وإعلامه وعمائمه وحسينياته ومساجده  وما أوتي من قوة ومن رباط صفحات التواصل، واستحضر  المقاومة وسلاحها والشهداء والائمة والنبيين والقديسين ومع كل هؤلاء، أنزل أبطال الوغى وفرسان الهيجا صارخين صادحين بأعلى حناجرهم "شيعة شيعة شيعة" من أجل القضاء ووئد "المؤامرة" اللعينة التي تستهدف الفاسدين!! 

 

 

نجح سماحته الى حد كبير، بإطفاء نور الثورة، وأعانه على ذلك فيروس كورونا القاتل، فانكفأت الناس الى بيوتها وخلت الشوارع والساحات، وعادت الروح من جديد لتدبّ في عروق الطبقة السياسية الفاسدة بعد ان اطمأنت وهدأ بالها، فرجعت الى فسادها وتحاصصها راضية مرضية،  فعم البلاء وازداد الفقر وتفشى المرض وانهارت العملة الوطنية وتعطلت المؤسسات، فيما السياسيون الذين حماهم السيد بعمامته وجبته، عادوا الى سيرتهم الاولى غير آبهين بما يصيب الناس من بلاء ومصائب، فنراهم مشغولون بحصصهم الخاوية، يتقاذفون المسوؤليات عن تعطيل تشكيل الحكومة، فرئيس الجمهورية الذي أتى به السيد بقوة سلاح المقاومة ( نواف الموسوي)، يتهم مرشح السيد الذي قُدم له لبن العصفور (نبيه بري)، فيرد الثاني على بيانات الاول ويرد الاول على اتهامات الثاني، فيما الناس تصارع غمرات الموت، ويستمر التعطيل ويستمر البلد في الانحدار صوب الهاوية ويستمر السيد في صمته العميق.
 

 

إقرأ أيضا : قاسم قصير، يذوق المغراية

 


اذا كان علي بن أبي طالب قد قال يوما : اينما يحل الفقر يقول له الكفر خذني معك ... فنسطيع أن نخبرك يا سيد بأن الناس قد كفروا بعد ان جاعوا، كفروا بك وبمقاومتك وبشهدائك، كفروا بفلسطين وبالامة، كفروا بالدين والتشيع ، كفروا بايران وبقاسم سليماني ، كفروا بك وبحزبك وبحلفائك ، كفروا بولاية الفقيه وبدولة الاسلام المحمدي الاصيل، كفروا بخطاباتك وارشاداتك ووعودك ونوابك ووزرائك وبمسؤولي الوحدات والقطاعات وروابط القرى.... كفروا بكل ما لك به صلة، كفروا بصمتك وسكوتك عن ما هم فيه وعليه.

 

 

 فإذا كان هنالك حقا من "مؤامرة" يا سيد، فهي حتما وبنظر كل الناس هي ما اوصلتمونا اليه، ولكن للاسف فإن هذه المؤامرة لا تراها يا سيد .