أما نحن اللبنانيين صرنا فرجة بانحطاطنا الأخلاقي والسياسي تجاه وطننا وتجاه دولتنا بفضل العهد القوي ولبنان القوي والجمهورية القوية والحزب القوي والتيار القوي والشعب القوي على بعضه فقط فبات الوطن كله ضعيفا هزيلا وباتت كل هذه الشعارات هراء بهراء ربما نحتاج إلى معجزة لنعود ويعود لنا وطن.
 

تناقلت الاخبار المحلية برقية رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، إلى الرئيس الأميركي جو بايدن يهنئه فيها  على تسلمه مسؤولياته الرئاسية في الولايات المتحدة الأميركية، ومتمنيا له النجاح والتوفيق خصوصا في الظروف الدقيقة التي تمر بها دول العالم على مختلف الأصعدة.

 

 

وجاء في البرقية: إني أتطلع الى العمل مع فخامتكم في إطار من التفاهم والاحترام المتبادلين، مع التمسك بقيم الحقيقة والنزاهة والعدالة والحرية والديموقراطية الأساسية التي نتشارك فيها مع الشعب الأميركي الصديق، والتي أشرتم إلى كثير منها في خطابكم الرئاسي بعد أدائكم القسم.

 

 

قد تكون البرقية الرئاسية في سياق اللياقات الرسمية أو البروتوكولية بين الدول، وقد تكون مجاملات بين رئيس دولة ورئيس دولة أخرى وفي هذه السياقات هي أمر طبيعي بل ومطلوب، وأما ببعدها الداخلي اللبناني فإن اللافت في هذه البرقية سيل المصطلحات التي استخدمها رئيس الجمهورية اللبنانية إلى الرئيس الاميركي نظير: التفاهم والاحترام،  ونظير  قيم الحقيقة والنزاهة والعدالة والحرية والديموقراطية الأساسية التي "نتشارك" فيها مع الشعب الأميركي الصديق.

 

 

إقرأ أيضا : قاسم قصير .. مقاوم برتبة شرف!!

 

 

هذه العناوين والشعارات هي سلوك وقوانين ودساتير تتميز بها أميركا دولة القانون والديمقراطية  والمؤسسات، الدولة التي استطاعت أن تتجاوز أكبر محنة تتعرض لها في تاريخها بالقانون والمؤسسات فلفظت الرئيس ترامب وعزلته إعلاميا وسياسيا واجتماعيا لأنه تجرأ على الدولة ومؤسساتها ولأنه تجرأ على ديمقراطيتها فذهب ترامب ذليلا بإرادة الدولة القوية بقانونها ودستورها وقضائها ومؤسساتها.

 

 

مرت برقية الرئيس عون إلى خارج الحدود بما فيها من قيم يفتقدها اللبنانيون وهي سبق وقَضَت نَحْبَها في السلوك والممارسة  مِن استمرار احتجازِ التأليفِ ومن استمرار المماطلة والتسويف وتعطيل الدولة بحجة الميثاقيات والصلاحيات، ولأسباب أكثر وقاحة مما نحن فيه وهي الحصص والمغانم الرئاسية والطائفية والحزبية.

 

 

 برقية خارجها حلو وداخلها مرّ ليس لها مكان في بعبدا وقصرها وليس لها مكان في حياة اللبنانيين لأن تلك الشعارات هي للدول المحترمة وللشعوب المحترمة الشعوب التي تستطيع أن تحاسب وتعاقب، ولذا  بقيت التهنئة مزورة لبنانيا، مزورة في دولة فاقدة للشرعية الدولية، فاقدة للشرعية الشعبية، فاقدة لحسّ المسؤولية والوطنية، دولة الفراغ والخراب والتعطيل.

 

إقرأ أيضا : لبنان بين الصفقات الداخلية والمبادرات الخارجية

 

 سيضحك علينا بايدن كثيرا سيقول لنا فاقد الشيء لا يعطيه، سيقول لنا عن أي ديمقراطية تتحدثون، وعن أي قيم تتحدثون، وعن أي عدالة وعن أي احترام تتحدثون.

 

 

هكذا سيرد علينا بايدن "القوي" وهكذا سيرد علينا الشعب الاميركي "القوي"  أقوياء بدولتهم وبدستورهم وبقضائهم وبمؤسساتهم، أما نحن اللبنانيين "صرنا فرجة" بانحطاطنا الأخلاقي والسياسي تجاه وطننا وتجاه دولتنا وتجاه بعضنا بفضل العهد القوي ولبنان القوي والجمهورية القوية والحزب القوي والتيار القوي والشعب القوي "على بعضه فقط"  فبات الوطن كله ضعيفا هزيلا وباتت كل هذه الشعارات هراء بهراء ربما نحتاج إلى معجزة لنعود ويعود لنا وطن.