رغم أنّ الرئيسين ميشال عون وسعد الحريري لم يجاهرا صراحةً وعلناً بالقطيعة بينهما، في وقت أنّ اجواءهما تجاهر بأكثر من ذلك، فإنّ السؤال الذي يطرح نفسه في هذا الوضع: هل ثهناك من هو قادر على عقد المصالحة بين رئيس الجمهورية والرئيس المكلّف؟ وهل انّ الرئيسين على استعداد للمصالحة وفتح صفحة جديدة في العلاقة بينهما يمضيان من خلالها نحو تأليف الحكومة؟ أم أنّهما وصلا فعلاً إلى حائط مسدود إلى حدّ أنّ التعايش بينهما تحت سقف حكومي واحد قد أصبح مستحيلاً؟

 

وعلى ما يؤكد مواكبون للعلاقة بين الرئيسين لـ«الجمهورية» فإنّ ما طَفا على سطح هذه العلاقة، إنْ عبر الكلام العالي السقف الصادر عنهما مباشرة أو عبر الهجومات السياسية المتبادلة بحدّة بين «التيار الوطني الحر» وتيار «المستقبل»، لا يشي بالتفاؤل، بل يعزّز فرضية التشاؤم وبقاء الجسور مقطوعة بين القصر الجمهوري وبيت الوسط، ويضاف إلى هذا التشاؤم فشل كل المحاولات الحثيثة التي بذلت، وعلى وجه الخصوص من البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، لإصلاح ذات البين بين الرئيسين بما يحملهما على الإفراج عن الحكومة».


 
 

وتجزم المصادر «أنّ العوامل السياسية المفاقمة لهذه الأزمة مع ما رافقها ممّا بات يسمّى بـ»صراع معايير ثلث معطّل» على حلبة تأليف الحكومة بين عون والحريري، صار جليّاً أنّها تحتلّ المرتبة الثانية، بعد العامل الشخصي الذي وسّع الهوّة بينهما أكثر، والمتفاقم أصلاً بينهما منذ ما قبل تكليف الرئيس الحريري تشكيل الحكومة. فهذه العوامل بشقّيها السياسي والشخصي تبدو حتى الآن أقوى من أيّ محاولات جَرت لتجاوزها وفشلت، أو أيّ وساطات بين الرئيسين، كتلك التي يجري الحديث عن القيام بها مع عودة الرئيس المكلف الى بيروت، لعلها تنجح في اعادة التواصل بين عون والحريري وتحملهما على استئناف لقاءاتهما والبحث من جديد في تأليف الحكومة، وعلى نحو مُغاير لما كان عليه قبل ظهور جمر الخلاف بينهما من تحت الرماد».

 

وفيما كشف معنيون بتلك الوساطات لـ«الجمهورية» انّ الاسبوع الجاري قد يحمل قبل نهايته بعض الايجابيات على هذا الصعيد، خصوصاً في ظل «التجاوب» الذي بدأ يظهر على خط المسعى الذي يقوم به منذ أيام اصدقاء مشتركون بين القصر الجمهوري وبيت الوسط، فإنّ المعطيات المتوافرة لدى بعض الوسطاء تفيد بأنّ الرئيسن عون والحريري لم يقفلا الباب نهائياً، الّا انّ المشكلة تكمن في أنّ كلّاً منهما ينتظر الآخر لكي يبادر في اتجاهه.

 

وقال صديق مشترك بين بعبدا وبيت الوسط لـ«الجمهورية»: من الطبيعي ان تشهد اي وساطات بعض الصعوبات، وذلك بالنظر الى أنّ الهوة بين عون والحريري تعمّقت الى حدّ كبير جداً بفعل المداخلات من قبل المحيطين بهذا الجانب او ذاك، والتي وَرّمت العوامل السياسية والشخصية بينهما الى الحد الذي بلغته وجرى التعبير عنه في السجالات الاخيرة.

 

وأكد الصديق المشترك أن في الاشتباك القائم ارتفع كل رئيس الى سقفه الأعلى، وبالتالي استنفد طرفا الأزمة كلّ شيء، وقدّم كل منهما اقصى ما لديه، ما يعني انهما وصلا الى حائط مسدود، ولا يستطيعان الاكمال على هذا المنحى التصعيدي. ووفق معطيات هذا الصديق، فإنّ عون والحريري أصبحا محرَجين حتى ولو لم يعترفا بذلك، ولن يطول الامر حتى يسلّما بالأمر الواقع، وبانعدام الخيارات امام كل منهما، وتبعاً لذلك يخطو كل منهما خطوة في اتجاه الآخر، وهذا ما قد تشهده الأيام المقبلة ربطاً بحركة الوسطاء.