وفق المعنيين، يحاول حزب الله إقناع حليفه بعدم الرهان على الوقت لأنّه ليس من مصلحته كون الوضع الداخلي إلى تدهور دراماتيكي قد لا ينتظر نتائج المفاوضات العابرة للاصطفاف الدولي، ولا بدّ من تقديم خطوات إلى الأمام للاستفادة من الوقت الضائع، وللتعجيل في المسار الحكوميّ.
 

فاجأ رئيس الجمهورية ميشال عون اللبنانيين بطلته غير المعلن عنها سابقا من الصرح البطريركي، رغم الاحتياطات الوقائية الصحية، ولقائه صاحب الغبطة البطريرك مار بشارة بطرس الراعي، لـ٤٥ دقيقة، وقد جرى بين الرجلين عرض الصعوبات والعراقيل والشروط والشروط المضادة التي حالت وتحول دون تشكيل حكومة، ومن بينها الصيغة وتوزيع الحقائب والاتفاق على الاسماء والبرنامج، بين رئيس الجمهورية والرئيس المكلف سعد الحريري.

 


لم يحضر الحريري لقاء بكركي هذا، وهو من اقرب المقربين اليه، خلاف السيناريوات التي رافقت هذا اللقاء وهي قابلة للاخذ والعطاء، وان كان سيد الصرح يتطلع الى لقاء مصارحة ومصالحة يجمع الرئيسين، بهدف التوصل الى جوامع مشتركة، رغم ما يحيط بذلك من عقبات تهون امام الازمات التي تحط بكامل ثقلها، وعلى المستويات السياسية والصحية والاقتصادية والمالية والمعيشية، بل  والامنية التي اخذت تتصدر المواقف، الى جانب الاقفال العام.

 


يدخل لبنان اليوم ، يومه الخامس من الاقفال العام التزاما بقرار اللجان الوزارية المختصة، لمواجهة وباء كورونا الكارثي، وهو قرار سجل عليه خروقات، على العديد من المستويات، وفي المناطق اللبنانية كافة، وقد سجل عداد كورونا رقما قياسيا جديدا في عدد الاصابات والوفيات، بخلاف الاقفال الحكومي الذي كان شاملا وفاعلا ولا خروقات.

 


لا يخفى على احد، ان الانهيارات الحاصلة ليست وليدة الساعة، وان كانت في جزء كبير منها، نتاج انهيار ثقة اللبنانيين بـالمنظومة السياسية الحاكمة والممسكة بزمام القرارات، حيث سجل العهد العوني تقصيرا فادحا في معالجة اصول المشكلات التي يعانيها لبنان واللبنانيون، ولم يعد يخفى على احد القلق الشعبي المتزايد يوما بعد يوم، من تفاقم الاوضاع الى ما هو اسوأ.

 


لبنان ليس في كوكب اخر، ولا جزيرة منعزلة، واللبنانيون يترقبون الاتي من الايام والاسابيع والاشهرخصوصا وان العديد من القضايا اللبنانية البالغة الاهمية الاستراتيجية، موقوفة على ما سيكون عليه الموقف الاميركي  من بينها تشكيل الحكومة، و»ترسيم الحدود البرية والبحرية» جنوبا، مع الكيان الاسرائيلي سنعود لاحقا لهذه المسألة.

 


لم يغب البطريرك الراعي، بـالتكافل والتضامن مع المدير العام للامن العام، اللواء عباس ابراهيم، عن الدور الوطني المطلوب بالحاح، من اجل ازالة العوائق من طريق انجاز تشكيل الحكومة، وقد تعزز ذلك مع عودة الرئيس المكلف سعد الحريري الى لبنان، كما تعزز بمواقف قوى سياسية، شددت على اعادة تحريك عجلة تأليف الحكومة، ومواصلة التشاور للتوصل الى الصيغة التي يمكن ان تؤدي الى انجاز هذا الاستحقاق المركزي، الذي يضع. المدماك  الاول للنهوض والتعافي، والا ستبقى ازماتنا تتفاعل، والمخاطر بلغت حدا اعلى مع ارتفاع نسبة اللبنانيين الذين يعيشون تحت خط الفقر خلافا لاراء البعض مما يجري، وقد وصفوه بأنه جريمة موصوفة في حق اللبنانيين، على ما قال سمير جعجع، وتقاطع مع دعوة وليد جنبلاط الرئيس الحريري، الى الاعتذار عن تشكيل الحكومة.

 

إقرأ أيضا : برودة فرنسية والتعقيدات الدولية والاقليمية تبقي لبنان في الفراغ

 

 


الانظار تتجه الى الاتي من الايام، خارجيا وداخليا، وما جمع البطريك الراعي بالرئيس عون، مؤهل لفتح الابواب على مداها امام الرئيس الحريري، من غير اية ضمانات بالوصول سريعا الى الخواتيم السعيدة.

 


لا بوادر إيجابية لتشكيل الحكومة، الجميع يتحدث عن التعقيدات المستمرة، البعض يربطها باستحقاقات خارجية، والبعض الآخر يحيلها إلى الحسابات المتضاربة في الداخل وانعدام عناصر الثقة. المحاولة التي قام بها البطريرك مار بشارة الراعي لجمع الرئيسين ميشال عون وسعد الحريري لم تنجح، لأن رئيس الجمهورية لم يعط جواباً واضحاً وسريعاً حول الإستعداد للقاء. 

 


بعض المصادر تشير إلى أن عون لم يعد يريد الحريري، وأنه ما بعد مغادرة ترامب ومجيء بايدن، فإن عون وحلفاءه سيتشددون أكثر بوجه الحريري ورفع المزيد من الشروط بوجهه كرفع عدد الوزراء في الحكومة، وتعزيز المكاسب في عملية التحاصص.

 


هناك عوامل داخلية أميركية ستفرض صداها في الإقليم، بالتزامن مع حديث الديمقراطيين العائدين الى القرار عن ديمقراطية مطلوبة في ساحات دولية، بعدما هشّمها ترامب بتحالفاته وسياساته ومصالحه الإقتصادية. لذا، فإن تغييرات واسعة في كل اتجاه مرتقبة في الإقليم والعالم.

 


وأكثر ما توقف عنده المعنيون، هي النصيحة التي وجهها نصر الله إلى منتظري الاتفاق الأميركي الإيراني حين قال إنّ فريقاً في لبنان ينتظر نتيجة المفاوضات الأميركية الإيرانية، فكانت دعوة نصر الله لا ينتظر أحد المفاوضات، لأنّه كمن ينتظر شيئاً من دون أفق. ويشير المعنيّون إلى أنّ هذه النصحية مخصصة لرئيس التيار الوطني الحر تحديداً، الذي سبق أن أعلن في أكثر من اطلالة له، أنّ الاتفاق الأميركي الإيراني على الطريق.

 


وفق المعنيين، يحاول حزب الله إقناع حليفه بعدم الرهان على الوقت لأنّه ليس من مصلحته كون الوضع الداخلي إلى تدهور دراماتيكي قد لا ينتظر نتائج المفاوضات العابرة للاصطفاف الدولي، ولا بدّ من تقديم خطوات إلى الأمام للاستفادة من الوقت الضائع، وللتعجيل في المسار الحكوميّ.