حافظاً دروسه بمهارةٍ وجدّية، يبدأ رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل مؤتمره الصحافي بالإهتمام الكامل بالشؤون السياسية الإقليمية والدولية المحتدمة والمتعلقة بدولة لبنان "الكبير"، فيُعلن بدايةً موقف العداء لدولة إسرائيل، باعتبارها تتناقض مع الصيغة اللبنانية الفريدة، فضلاً عن خطرها الدائم بتوطين اللاجئين الفلسطينيين في لبنان، وهذا ما يتوافق تماماً مع سياسة حزب الله "المُعلنة"، ومن ثمّ يُجدّد باسيل موقفه الداعي بضرورة التواصل والمهادنة مع النظام السوري، وهذا يتّسق أيضاً مع سياسة حزب الله، ولا يغفل باسيل ضرورة إقامة العلاقات الطّيبة مع إيران وروسيا  والصين، أمّا علاقات لبنان الدولية مع أوروبا وأمريكا فيحكمها بنظر باسيل عدم الإرتهان ل"الخارج" ووقف تدخلاته في الشؤون الداخلية اللبنانية، ويعكف باسيل بعد ذلك للمحاضرة في أصول العلاقات الدولية ومندرجاتها ووظائفها الإنسانية والأخلاقية، ليخلص هدياً "بسُنّة" أمين عام حزب الله بالإعتداد بصمود لبنان ورسوخه في وجه الرياح العاتية والأعاصير كصمود التيار الوطني الحر( شأنه شأن لبنان والمقاومة)، صنوان لا يفترقان، كأنّهما واحد.

 

إقرأ أيضا : يا سبحان الله يلحنون ويربحون، يسرقون ولا تُقطّع أيديهم.

 

 


بعد الإنتهاء من جولات وصولات جبران باسيل في الشؤون الإقليمية والدولية المحتدمة والمتعلقة بدولة لبنان، يتوجّه باسيل للّبنانيّين بالنداء المعروف فيقول: أيّها اللبنانيين!! وهذه وحدها جريمة لا تُغتفر بحقّ النّحو العربي، ولا يمكن أن تصدر عن وزير خارجية سابق، لسنواتٍ عديدة، ما علينا، أيها اللبنانيون، يتوجّه جبران باسيل لكم بعد تقديم واجب الإرتهان والولاء لوليّ الأمر في لبنان السيد حسن نصرالله أمين عام حزب الله، كما يدأب السيد نصرالله بتقديم واجب الإعتزاز والولاء للوليّ الفقيه في إيران، بالدخول في صلب موضوع المؤتمر الصحفي، وهو استحالة تأليف حكومة جديدة، ليُفصح بشكلٍ واضحٍ أنّه هو (اي باسيل) المعرقل الأساسي، ولعلّه الوحيد،  لولادة هذه الحكومة، فالعقدة كما طرحها ووصّفها باسيل، ما زالت في إصرار الحريري هذه المرّة ( خلافاً لعاداته السابقة) برفض منطق المحاصصات وتوزيع المقاعد الوزارية على أقطاب الطبقة السياسية الحاكمة( وفي مقدمهم جبران باسيل)، مع رفضه إعطاء حلفاء باسيل حُصّة وزارية كالعادة المتّبعة( وزير درزي وآخر كاثوليكي) تُضاف إلى رصيد باسيل الوزاري، ولا يغفل باسيل ترداد المعزوفة القديمة، وهي أنّ الحريري(الأب والإبن) هما اللذان تزعّما منظومة الفساد وهدر المال العام التي أودت  بالبلد منذ ثلاثة عقود من الزمن إلى الإنهيار المالي والاقتصادي الواقع اليوم، وأنّ الحريري واهمٌ إذا كان يحلم بإلغاء التيار الوطني الحر، والعودة بنا إلى ما قبل العام ٢٠٠٥، يقول باسيل: نحن نعيش في ظلّ التوازن الطائفي-الوطني، ونحن اليوم نعيش في ظلّ رئيس جمهورية قوي، لا في ظلّ رئيس خانع أو تابع لغازي كنعان أو رستم غزالي (ضباط الوصاية السورية على لبنان)، نحن اليوم في العام ٢٠٢١، في ظلّ دولة قوية سيّدة وحُرّة ومستقلّة، اقتصادها مُتعافٍ، ومؤسساتها الدستورية سليمة وفاعلة( لولا وجود رئيس حكومة مُكلّف ومُستهتر يضع كتاب تكليفه في جيبه ويُسافر شرقاً وغرباً)، نحن اليوم ولا فخر، في عصر الوصاية الإيرانية،  عصر جبران باسيل التلميذ النّجيب للأستاذ الجليل السيد حسن نصر الله دام ظلُّه.