إن هذا الشعب بأغلبيته يدفع ثمناً فادحاً للقمة عيشٍ ضنَّ بها هذا الوطن، يعيش في ضنكٍ ويعاني الأمرَّين في عيشه وموته، وفي رحله وترحاله، وفي صحته ومرضه، وفي سفره وعودته، حتى وإن عاد من سفره بعد أن تهجَّر وتعب وعمل، يستقبله تجَّار الأحلام المكذوبة الذين يأكلون عرق الغلابة، وتغرق أحلامه البسيطة في بحر سلطة جشعة لا تعرف رحمة ولا شفقة.
 

مقولة من مقولات الأمثال: إسمع تفرح جرِّب تحزن. عندما تسمع معظم زعماء الطوائف وكهنتها وقادة أحزابها، نريد مواطناً كريماً وعزيزاً في بلدٍ يؤمِّن فرص العيش، وبناء دولة القانون والمؤسسات التي تحفظ الحقوق والواجبات.

 

 

 هنا تفرح لكثرة ما نسمع من إطناب شعارات، كأنك تعيش في عالم مدهش وخيالي. لكن التجربة خلاف ذلك، ضجيج وصراخ وعويل، بطالة وشحاذة وعوز وحرمان وموت وقتل. إنه القتل الحقيقي، قتل فضيع، وموت أكبر، كما عبَّر أمير الضعفاء والفقراء الإمام علي (ع) بقوله: الفقرُ هو الموتُ الأكبر. لأنَّ الفقر يتحدَّى كل فضيلة حتى ليغدو آلة للجحود والكفر.

 

 

 في مذهب الإمام علي (ع) "الفقرُ يُخرس الفطن". فالذي يريد وطناً يضم زعماء وقادة وشيوخ وأبناء مخلصين ومحبين، لا أشتاتاً وقوَّاتاً وخُوَّاتاً ـ وكونتوناتاً ـ وأحزاباً وأشتاتاً متباغضين ومبغضين وحاسدين ومتحاسدين، فعلى هذا البلد والوطن ألاَّ يدع بين طوائفه وأبنائه وشعبه فقيراً، "لأنَّ الفقير غريبٌ في بلده". 

 

 

أعتقد لا يوجد مثيلاً في العالم من حيث تركيبة هذا الحكم والسلطة في لبنان سوى مثيله العراق، فإنهما من حيث البنية التركيبية يشبهان التركيبة التراجيدية، لو نظرنا نظرة بسيطة وغير بعيدة إلى تاريخنا اللبناني، وإلى قادة الطوائف والأحزاب بأغلبيتهم، تظهر لنا فوضويات وحروب وبطش وسرقات حلَّت على رؤوس أغلبية هذا الشعب الطيِّب والبريء، واليوم أشبه بتاريخ الأمس، موتٌ مجاني، وما حادثة إنفجار مرفأ بيروت بعيدة ولم تجف دماء الأبرياء، والسلطة اللبنانية مشغولة بإنشاء خطة إقفال عامة في البلد بسبب جائحة "كورونا" وليست معنية بهموم الفقراء وعيشهم، وكأنها تقوم بدور "الوسيط والسمسار، وسلَّمت مئات بل معظم الشعب اللبناني إلى حفنة من تجار السموم يتولون مراسم تشييع البلد والوطن إلى مقابر مفتوحة في كل الإتجاهات، حتى ينقلونه إلى رحمة الله تعالى.

 

 

إن هذا الشعب بأغلبيته يدفع ثمناً فادحاً للقمة عيشٍ ضنَّ بها هذا الوطن، يعيش في ضنكٍ ويعاني الأمرَّين في عيشه وموته، وفي رحله وترحاله، وفي صحته ومرضه، وفي سفره وعودته، حتى وإن عاد من سفره بعد أن تهجَّر وتعب وعمل، يستقبله تجَّار الأحلام المكذوبة الذين يأكلون عرق الغلابة، وتغرق أحلامه البسيطة في بحر سلطة جشعة لا تعرف رحمة ولا شفقة. 

 

 

إنَّ أغلب هذا الشعب سيودِّع في صمت،الحياة والأرض التي باركها الله وأنبياؤه، وتستقبل أُسَرَهم وثيقة موت أو شهادة وفاة، مُصدَّقة رسمياً بطوابع الوطن والشرف، ولكن بيني وبين ربي الذي سيحاسبنا جميعاً، لهي حقيقة ودليل إدانة لكل مسؤولٍ ولكل عمَّة وجُبَّةٍ مسؤولة، في هذا البلد. فمن يحاسب؟ ومن يعاقب؟ ومن يجلب الحقوق؟ ومن يحاسب من؟ وإلاَّ تكون المسؤولية علينا جميعاً، والكل مدان، وسنقف يوماً بين يدي الخالق الجبَّار.