لقد ضاق بنا ذرعاً فضاء اللغة الذي لوثوه بحبر مغشوش وقد نفثوا فيه دخانهم المسموم فتحولت كل بضائعنا الى سلع سياسية معبأة وموضبة بصناديق جاهزة الى كل الأسواق وهي غير محددة بمهل وبتواريخ لأنها صالحة طالما أنها تعبر دون رقابة ذاتية لشعوب لا تقرأ بقدر ما تأكل حتى الورق والأقلام والكتب والدفاتر تتعاطى معها كمأكولات صالحة لبطون عقولها .
 

في نقل مباشر لقناة المنار غنّى بعض الشعراء وتباكى البعض الآخر في ذكرى الشهيد قاسم سليماني بحيث لم نسمع شعراً بقدر ما سمعنا ما لا يشبه الشعر وخاصة من بكّاء يمني يجيد كل شيء إلا الشعر، وهذا ما يصيب دائماً بالإحباط لخلو محور المقاومة والممانعة من شعراء يجيدون الشعر كما هو الفراغ القاتل في الأدب عموماً وفي الثقافة، الأمر الذي أخلّ بالتوازن المطلوب بين الدماء وبين النصوص وهذا ما أضعف المقاومة ثقافة وأدباً بكل أشكاله من القصيدة الى الرواية الى الفنون وهذا ما أوجد أزمة قلم بكل محمولاته المعرفية، وهذا ما كرّس مقاومة بلا نخبة الأمر الذي كرّس أيضاً ضعفاً في مقاومة امتازت في إنجازاتها الضخمة بما  لا يقارن مع المقاومات العربية، ولكنها افتقدت لما كان متاحاً ومشبعاً في التجربة العربية الثورية ومن ضمنها التجربة الفلسطينية – اللبنانية اذ أسهمت النخبة العربية لا في حفظ التوازن مع المجهود النضالي بل في تجاوزه أيضاً بحيث تركت تراثاً ثرياً في الثقافة العربية وبكل حقولها وفي الأدب المقاوم وبكل أشكاله وفنونه .

 

 

طبعاً لسنا بوارد الدخول في أزمة المقاومة المفتوحة في هذا المجال لتبيان أسبابها ومسبباتها ولكننا أمام نتائجها الخطرة نحاول نقد بعض الترويج المخجل لأشكال من الثقافة والتبرئة الممكنة للفعل الجهادي من الذنوب الكبيرة بحقه من خلال تسويق فنون هابطة ومسيئة وأعمال تسخيفية للعقل على شاكلة الكثير من اللطم وما يردده "الرادوديون" من جمل موصولة ببعضها البعض عن طريق " الألتيكو " .

 

إقرأ أيضا : حزب الله غني والحريري طفران!!

 

أمس بثت قناة المنار نصف نقل مباشر لشعراء مختارون من دول عربية كي يقولوا شعراً في الشهيد سليماني بمناسبة ذكراه السنوية قتقوّلوا الشعر بمقدار ما سمعنا منهم وتبيّن أن بعضهم يصلح لقراءة العزاء بدلاً من صناعة الشعر فخاب أملنا بالوسط العربي اذا ما تُرك لبعض ما سمعنا تمثيل الشعرالعربي في هويته المقاومة و هذا ما يضيف تراجعاً آخر من تراجعات الثقافة العربية بكل رموزها وأشكالها وتبرز النخبة هنا كترهل أخير ميؤس منه ولكنه غير يائس طالما أن هناك من يشترية بدون ثمن كونه بمثابة جوقة مصفقة غير مفكرة تؤدي دورها وتنتهي بإنتهائه وحسبها مرضاة من تظن أنه يسمعها وهو لا يعطيها باباً من أبواب السمع ولكثرة ما تلهث وراء ظنونها تشعر بمجد الصوت كمؤذن يؤذن وحده الفجر و الناس نيام .

 

 

لقد ضاق بنا ذرعاً فضاء اللغة الذي لوثوه بحبر مغشوش وقد نفثوا فيه دخانهم المسموم فتحولت كل بضائعنا الى سلع سياسية معبأة وموضبة بصناديق جاهزة الى كل الأسواق وهي غير محددة بمهل و بتواريخ لأنها صالحة طالما أنها تعبر دون رقابة ذاتية لشعوب لا تقرأ بقدر ما تأكل حتى الورق والأقلام والكتب والدفاتر تتعاطى معها كمأكولات صالحة لبطون عقولها .

رحم الله الشهداء فهم وحدهم الشعراء .