ماذا في المعلومات المتوافرة عن المسؤولية التي يتحمّلها حزب الله بالتضامن مع باسيل عن تعطيل ولادة الحكومة؟
 

على الرغم من واجهة الخلاف بين فريقي رئيس الجمهورية ميشال عون والرئيس المكلّف سعد الحريري في مشهد تقاذف كرة الاتهامات المتبادلة بتعطيل تأليف الحكومة، إلا أن أسئلة أبعد وأكثر جدليّة حول الصمت المطبق الذي يعتمده حزب الله في هذا الملف، وخصوصاً بعد تقديم الحريري مسوّدة كاملة في قصر بعبدا تتضمّن أسماء أربعة وزراء من الطائفة الشيعية، والجدير ذكره في هذا الإطار، أن المقرّبين من الحريري لا ينظرون بايجابيّة إلى تموضع حزب الله الصامت حيال مسوّدته الحكومية بل يقرأون تعامله مع الموضوع من باب المتفرّج وغير المنزعج من مشهد الكباش القائم حول الحقائب الذي يقوده رئيس التيار الوطني الحرّ النائب جبران باسيل من الخلف، باعتبار أن الأخير يمكن أن يشكّل واجهة أماميّة لتعقيدات أكبر لم يعبّر عنها الحزب اعلاميّاً حتى اللحظة والذي بدوره قد يكتفي بدور المتفرّج والمصفّق طالما أن ثمّة من يضطلع بمهمّة تعطيليّة عوضاً عنه.

 

 

وتعتبرالأوساط ان عملية العرقلة تعبرعن تلازم مسار في التعطيل ينتهجه كلّ من باسيل وحزب الله لأهداف واحدة قوامها رهان كلّ منهما على مرحلة دخول بايدن الى البيت الأبيض خصوصاً بعد الخسارة التي أصابت محور الممانعة في لبنان مع تبيان عدم قدرته على الإنقاذ وإدارة البلاد والحاجة الماسة إلى حكومة مستقلّة من خارج الطاقم الحاكم. ويأتي رهان كلّ من باسيل والحزب في هذا الإطار على الانتظار، لربما يسهم ذلك في تخفيف الضغوط والعقوبات على فريق الممانعة ما يسمح له التحرّك براحة على ضفاف الملف الحكوميّ، إلا أن رهانات من هذا النوع لا تعدو كونها أوهاماً باعتبار أن السياسة الخارجية للمجتمع الدولي لا تتبدّل ولا تبدأ من الصفر.

 

إقرأ أيضا : زيارة الحريري إلى بعبدا هل ستنتج حلاً

 

 

ماذا في المعلومات المتوافرة عن المسؤولية التي يتحمّلها حزب الله بالتضامن مع باسيل عن تعطيل ولادة الحكومة، تكمن البداية من المعطيات التي تعبّر عنها مصادر واسعة في إشارتها إلى أن مصدر اختيار أسماء الوزراء الشيعة ليس الحزب بل أن الرئيس الحريري بحث فيها مع رئيس مجلس النواب نبيه بري لكنّه لم يتشاور فيها مع حزب الله الذي لا يزال حتى اللحظة خارج نطاق التفاوض في الملفّ الحكومي، لكنّه أبلغ الجهات المعنية بالتأليف أنّه يعتبر الوزراء المقترحين غير موجودين طالما أن مسوّدة الحكومة لم تعرض عليه، إلا أن ما يثير الريبة في الموازاة هو الجوّ الذي أوصله الحزب إلى المكونات السياسية أيضاً ومفاده أنّه لن يسمح بكسر أو تهميش جبران باسيل ويقف عند خاطره في مسألة المطالبة بوزارات بما معناه أنه يكسرها ويجبرها في الوقت نفسه؛ فيشيع أنه مع تشكيل حكومة اليوم قبل الغد ومع التخلّص من الفراغ السياسي وحضّ الحريري على العودة والإسراع في التأليف، وأنّه كان من أبرز الذين رفضوا استقالته سابقاً، وأبرز الذين دعموا عودته من جهة، ثمّ يدعم اعتبارات باسيل ويرسم مشهد حكومة خارج نيل أصوات ثقته والتيار البرتقالي في مجلس النواب، بما يعنيه ذلك من عرقلة لولادة الحكومة من جهة ثانية.

 

 

يأتي ذلك في وقت باتت تتعدّد السيناريوهات المتناقلة عن سبب الخلاف حول الحكومة ، ومع غياب أيّ معطى بشأن تشكيل الحكومة، بعد تبادل الاتهامات بين رئيس الجمهورية ميشال عون والرئيس المكلف سعد الحريري ، حول تعثر التأليف، أجمعت أوساط المعارضة على أن الأصابع الإيرانية واضحة في عرقلة الولادة الحكومية، من خلال الضغوط التي يمارسها حزب الله على الرئيس عون، للحصول على الثلث المعطل في التشكيلة الجديدة، للامساك بقرار الحكومة. 

 

 

وأشارت الأوساط، إلى احتمال أن الحكومة لن ترى النور إلا من بعد دخول بايدن الى البيت الابيض وبالتالي فإن لا مواعيد محددة لإمكانية التوافق على الحكومة الجديدة، بانتظار ما ستسفر عنه طبيعة التطورات الإقليمية والدولية ، وما يتصل منها بالوضع اللبناني.

 

 

بات واضحاً أن لا حكومة في المدى القريب، لأسباب محلية وأخرى إقليمية مترابطة. إذا كانت المعضلة المحلية أطلّت بقوة بعد اللقاء الأخير الذي جمع رئيس الجمهورية ميشال عون بالرئيس المكلف سعد الحريري وانتهى بترحيل التأليف إلى السنة الجديدة من دون أن تظهر أي حلول، بتأكيد أن هناك تعقيدات لا تزال ماثلة فإن العامل الإقليمي سيبقى يظلل هذا الخلاف الذي لا يقتصر فقط على المواجهة بين التيار الوطني الحر وموقع الرئاسة وتيار المستقبل، إنما يطال قوى أخرى بما فيها حزب الله المترقب والمتحفز لإعلان موقفه من المسار الحكومي في الأسماء والحقائب والهوية والبيان الوزاري، فضلا عن مشاركته كحزب في شكل رسمي لا يتراجع عنه. 

 


توازيا، ومع هذه الصورة السوداوية المواطنون يرزحون تحت عبء الأزمات الضاغطة وفي مقدمها أزمة كورونا وسلالتها الجديدة التي أصبحت مصدر قلق عالمي، هذا اضافة الى الأزمة المعيشية الحادة والحديث عن رفع الدعم. وفي هذا الوقت تم تداول معلومات عن احتمال مغادرة الرئيس المكلف سعد الحريري الى باريس لقضاء فترة الأعياد، ما يؤكد غياب أي خرق محتمل او أي استئناف لمفاوضات التشكيل.وهكذا يمكننا القول ان ظاهر الخلافات داخلي لكن باطنها خارجي والى حين بلورة المشهد يبقى للحديث صلة .