أيام قليلة يودع اللبنانيون، عاما مثقلا بالازمات والتحديات، ويستعدون لاستقبال عام اخر، وهم يتمنون، ان يكون عاما جديدا، بكل ما لهذه الكلمة من معنى، توقف العديد من المتابعين وبكثير من الاهتمام، إعلان الامين  حسام زكي العام المساعد لجامعة الدول العربية مشددا على ان بداية العلاج ينبغي الا تتأخر، لان مشوار استعادة الثقة بلبنان  لن يكون قصيرا او هينا،  املا ان يحدث ذلك في وقت قريب، لان التأخير في تشكيل الحكومة، قد يؤدي الى تداعيات سلبية لا احد يريدها.

 


تتجه الانظار الى ما يمكن ان يخلص اليه اللقاء الثالث عشر بين رئيس الجمهورية وبين الرئيس الحريري وهو لقاء يأتي تتويجا للمساعي الحميدة التي يرعاها البطريرك الراعي ، مدعوما من قوى حزبية، وقد اعتقد البعض، ان رقعة التباينات ضاقت، خصوصا وان البطريرك خلص الى القول انه لم يلمس سببا واحدا يستحق التأخير في تشكيل الحكومة يوما واحدا، ولكنني وجدت لدى الناس الف سبب وسبب يستوجب التأليف.

 


لبنان اليوم امام امتحان مصيري بالغ الخطورة، وقد عاد البعض يقلب الصفحات داعيا الى فدرلة لبنان، من غير ان يرف جفن عين لرئيس الجمهورية ميشال عون وتياره وهو لا يتردد لحظة في صب زيت المناكفات على نار الانفس المشتعلة غيظا وغضبا، جراء ما ال اليه اداء العهد على مدى السنوات الاربع، من نتائج سلبية، وعلى كافة المستويات ، السياسية منها والاقتصادية والمالية والاجتماعية والمعيشية، جراء حرب الدولار على الليرة اللبنانية، فيما الطبقة القابضة على القرار تمضي في سياسة الانكار وتغطية جرائمها بـالبكاء على الاطلال.

 

إقرأ أيضا : مشاورات التشكيل تفشل وتحذير من الدولة الفاشلة

 

 


مؤسف ان يمضي العهد العوني في سياسة الانقلاب على الدستور، وابتداع اعراف، غير عابئ بالنتائج الكارثية، وما يمكن ان يؤدي الى زعزعة الامن والاستقرار، وعلى جميع المستويات، وقد نبهت مرجعيات امنية من سياسة ادارة الظهر لما يجري وما قد يجري، خصوصا بعد المواقف الاخيرة، لعدد من خطباء الجمعة، حيث جرت اتصالات مع مرجعيات روحية هدفت الى التروي في التعامل مع الواقع الراهن فكان الرد واضحا خلاصته ان هذا البلد بات قاب قوسين او ادنى من الانهيار.

 


يتفق اللبنانيون، على وجه العموم، على ان الازمات في البلد ستزداد تفاقما، ولن تبقى حبيسة الرفض الكلامي، عندما تصدر الحكومة قرار  رفع الدعم عن السلع الاساسية، كليا او جزئيا، والذي ان حصل فان تداعياته لن تقتصر على لقمة عيش اللبنانيين وصحتهم وقدرتهم على تأمين الحد الادنى من متطلبات حياتهم بل امنهم و استقرارهم.

 


ينتظر اللبنانيون بفارغ الصبر عودة الحياة الى القضاء المختص، بشأن كارثة  مرفأ بيروت، ليبنى على الشيء مقتضاه، وعلى خلفية الحرص على عدم الانحراف عن قول الحق، في وجه سلطان جائربادر عدد من خطباء الجمعة الى رفع الصوت عاليا في وجه من يظن انه يصلح، وهو الفاسد الكبير.

 


ما ورد على السنة بعض خطباء الجمعة لم يكن مجرد تسجيل مواقف، بل انها صرخات وجدانية نابعة من القلب، وهي بداية لا نهاية، والشعب يعاني الامرين، خصوصا وان الممسكين بزمام الامور، وعلى وجه الخصوص، رئيس الجمهورية وتياره يغرقون البلد في بحر من السجالات والمناكفات والصراعات، لا علاقة لها بكيفية اخراج البلد من معاناته في تشكيل الحكومة الاقدر على ادارة الامور في هذه المرحلة، بل على الصلاحيات، او من يمسك بقرارها، ومن له الحظوة فيها، من دون ان يأخذوا في الحسبان، واقع البلد وحاجته للخروج من ازماته المتراكمة.

 


اليوم إلتقى الرئيس المكلّف تشكيل الحكومة سعد الحريري رئيس الجمهورية ميشال عون في بعبدا. وإثر اللقاء، قال الحريري اللقاء مع الرئيس عون كان إيجابياً وقررنا الاجتماع غداً ولكن لن نعلن عن الوقت لدواع أمنية واللقاءات ستكون متتالية للخروج بصيغة حكومية قبل الميلاد علماً ان بعض المتابعين يعتبرون هذا الكلام يحمل الكثير من التمنيات. نتمنى كجميع اللبنانيين ان يترجم هذا الكلام الى واقع ملموس ولعل هذه الزيارة ستستطيع أن تنتج حلاً وللحديث صلة .

 


باب التصعيد مفتوح على مداه والشعب مل الانتظار والوعود، اذا مضى المعطلون والمعرقلون، في سياسة العبث بمعاناة اللبنانيين، والامهم. وتقطيع الوقت والامعان في تجاوز الدستور، الذي ادى الى سوء ادارة الحكم، الذي اوصل البلد الى الكوارث، المتعددة العناوين والمضامين، واللبنانيون، على وجه العموم، ما عاد باستطاعتهم تحمل المزيد.