لا شكّ في أنّ حسين يضحك عليكم في سرّه، ويتساءل معنا: لماذا تعجبون حين ينهار بلدٌ فيه هكذا ساسة، وهكذا إعلام، وهكذا مقاومة.
 

يُعطّل الوزير السابق جبران باسيل تأليف الحكومة الجديدة بعنجهيةٍ وغطرسة لا مثيل لهما، ويُساومُه في ذلك الرئيس سعد الحريري، في وطنٍ يذوي يوماً بعد يوم في عهد الرئيس "القوي"، وطنٌ يحارُ أبناؤه كيف ينهار بسرعة قياسية على كافة المستويات، حتى بات مُهدّداً بالزوال كما تنبّأ مسؤولٌ فرنسي، وطنٌ يسرح ويمرح فيه هُواةُ سياسةٍ وحُكمٍ وإدارةٍ واقتصادٍ واجتماع، حين يجمع باسيل حوله مجموعة من مُحترفي نهب المال العام والاثراء غير المشروع وصرف النفوذ، واعتلاء المناصب ونشر الأضاليل ونثر الترهات والأضاليل، وطنٌ تراجعت صحافته المكتوبة ليستقرّ عند جريدة "الأخبار"، التي تديرها جوقةٌ من المُخبرين والمرتزقة الذين يُتقنون فنون إخراج الملفات المشبوهة و"تصنيع" الأخبار المُلفّقة والمُلتبسة الأهداف، وطنٌ تحتلّ شاشاته الفضائية حفنةٌ من الإعلاميين الذين تمرّسوا في خدمة الطبقة السياسية الفاسدة، التي تتحكم بمقدرات البلد منذ أكثر من ربع قرن من الزمن، وطنٌ استشرى في مسّامه الفساد من أعلى الهرم وصولا إلى القاعدة، وطنٌ يحتفي اليوم ويُفاخر بطفلٍ بريئ، فرّت دجاجته إلى الأرض المحتلة، فوقف ببرائته وعفويّته يُطالب بها، وإذ بحملة إعلامية دعائية تُوظّف هذه "الحادثة" العابرة وتعتبرها حدثاً جللاً يُؤشّر على صلابة المقاومة والممانعة في وجه إسرائيل،

 

إقرأ أيضا : فضيلة المفتي قبلان..الدجاجة فرّت خوفاً من فقدان القمح.

 

 

وتُغدقُ هدايا الدجاج على الطفل حسين، ويُلقّن أساليب الغشّ والكذب والإدّعاءات الفارغة، حتى بات حسين بعد زيارة النائب السابق إميل رحمة له ( مُحمّلاً بدجاجتين وديك) من دير الأحمر في أقصى الشمال الشرقي إلى أقصى الجنوب اللبناني، رمزاً للصمود والتّصدّي للعدو الصهيوني، وتتساءلون لماذا "أصحرت" السياسة في لبنان، ولماذا انهار البلد، ولماذا انتشر الفقر والبطالة والجوع والحرمان والإذلال، ولماذا خبت روح الثقافة وانطفأ الإبداع، ولماذا يعجز الحكام عن تأليف حكومة جديدة بسبب التّحاصص واقتناص الغنائم، في عاصمة دمّرها انفجارٌ مريع في الرابع من شهر آب الماضي، هذه العاصمة التي كانت عشية الحرب العالمية الأولى(١٩١٤) تُصدر وحدها 168 مطبوعة، بين جريدة يومية أو صحيفة أسبوعية سياسية، ومجلّات أكاديمية وعلمية، بينها دزينة من المجلات النسائية، أولاها "الفتاة" التي أصدرتها هند نوفل عام 1893، ومن الصحف الرائدة في ذلك الزمن "لسان الحال" التي نشرها خليل سركيس، إلى جانب "المشرق"، مجلة الدراسات الشرقية اليسوعية، ومجلة "المقتطف" التي أصدرها أستاذان في الكلية البروتستانتية السورية يعقوب صرّوفي وفارس نمر.


اليوم في بيروت يتسيّد صحافتها ويتصدّر شاشاتها الرضوانين: رضوان مرتضى في الأخبار، ورضوان عقيل في النهار.


لا شكّ في أنّ حسين يضحك عليكم في سرّه، ويتساءل معنا: لماذا تعجبون حين ينهار بلدٌ فيه هكذا ساسة، وهكذا إعلام، وهكذا مقاومة.