هناك فرق بين أن يسرق العدو دجاجة حسين ونستنفر وأن يسرق حكامنا الوطن كله ونصمت، والبطولة ليست باستعادة دجاجة بل البطولة باستعادة الوطن وأمواله وحمايته من النهب والسرقة.
 

بنجاح منقطع النظير انتشر فيديو "دجاجة حسين" ليشكل في ساعات قليلة مادة إعلامية كبيرة لدى الإعلام المحلي والعربي والأجنبي ولكن ليس كحدث أمني هذه المرة، بل كقصة طفل لبناني فرضتها براءته الجنوبية العفوية وهو يبحث عن دجاجته التي دخلت الأراضي المحتلة.

 

 

الفيديو الذي نشره مراسل المنار علي شعيب سرعان ما استخدم في أدبيات المواجهة مع العدو، وسرعان ما كان أحد شعارات المقاومة والانتصار، وسرعان ما دخل في بازار القضايا التافهة وحصل البيع والشراء في مجتمع لبناني فايسبوكي مأزوم  بات يبحث  هنا وهنا عن قصة أو حكاية أو خبرية لينشر عليها خيباته وهزائمه تحت العناوين الجاهزة والمعلبة نظير المقاومة، ومقاومة التطبيع، وشعارات الشرف والكرامة والانتصارات "انتصرنا ورجعنا دجاجة حسين" ولتزداد تفاهة المشهد أكثر خرج علينا المنشد علي بركات بنشيد حارق خارق متفجر "عنا دجاجة جنوبية"

 

إقرأ أيضا : فلتسقط الحصانات والحمايات الطائفية

 

 

خطورة ما حصل أننا استغرقنا في التفاهات وما زلنا نستغرق أكثر وأكثر  في  الشعارات التضليلية وشعارات الإلهاء والتخدير لنخسر قضايانا الاساسية ولنخسر المزيد مما بقي من وطن لم نعد نملك فيه شيء حتى الدجاج.

 

 

انتصر الاعلام الممانع للطفل حسين الشرتوني وانتصر معه شعب المقاومة وكان هذا المطلوب إعلاميا، وكان هذا المطلوب إجتماعيا أن نهلل ونطبل لدجاجة حسين ليتحول إلى قضية ورمز وانتصار جديد في زمن الإخفاقات الداخلية المروعة فنسي الجميع أن حسين وكأي طفل لبناني يفتقر إلى الحدّ  الأدنى من وسائل العيش الكريم، وأن حسين وعائلته وقريته وجنوبه كله ولبنانه كله ما يوجعه ليست قضية الدجاجة بل قضية انهيار الوطن كله وما يوجعه هو الفقر والجوع والعتم والظلام والعطش والموت على أبواب المستشفيات.

 

 

أن تتحول قضية حسين ودجاجته إلى قضية رأي عام وأن ننشر عليها المزيد من مصطلحات الخداع والتضليل، فيما يواجه اللبنانيون أقسى الازمات المعيشية والاقتصادية والمالية في تاريخهم دون أي موقف أو ردة فعل أو بادرة احتجاج تلك هي الكارثة بعينها، وأن يذهب الإعلام الممانع إلى إبراز قضية الدجاجة على حساب القضايا الحياتية والمعيشية وعلى حساب فقر الناس وجوعهم وانهيارهم  تلك هي الكارثة الأكبر.

 

 

المشكلة في لبنان ليست في السلطة فقط وليست في الحكام والمسؤولين فقط، مشكلتنا في إعلامنا وأحزابنا والمشكلة الاكبر في هذا الشعب الذي ينحر نفسه بنفسه ويتجاوز الازمات من ازمة إلى أزمة دون أي ردة فعل  أو موقف.

 

 

هناك فرق بين أن يسرق العدو دجاجة حسين ونستنفر وأن يسرق حكامنا الوطن كله ونصمت والبطولة ليست باستعادة دجاجة بل البطولة باستعادة الوطن وأمواله وحمايته من النهب والسرقة.