بدأت الموجة الثانية من أزمة المازوت فبعد الصيف جاء الشتاء ولا مجال فيه للعب بمادة تتدفأ عليها الغالبية العظمى من القرى و البلدات ولا إمكانية للتغاضي عن إخفائها القسري أو الطوعي كونها سلعة أساسية وليست سلعة تافهة من سلع الترف لهذا افتقاد الجنوب لمادة المازوت و بغض النظر عن الأسباب المجهولة أو المعلومة ثمّة مسؤولية مباشرة على الحكومة وعلى وزيرها المختص في تحري أسباب الأزمة و متابعتها مع الجهات المختصة لمعرفة سبب عدم تعبئة محطات الوقود لمادة المازوت بعد أن سألنا أصحاب المحطات ولم تتوفر لنا إجابة شافية و هي غير ثابتة على رأي. الأمر الذي يدفع و بإلحاح الى معالجة الموضوع حتى لا ندخل مجدداً السوق السوداء لمادة المازوت كما شهدت ذلك أشهر الصيف .

 


إن غياب المسؤولية المناطة أيضاً بالقوى المعنية من أحزاب تمسك بأوراق اللعبة الداخلية وتحاسب من يعترض على سياسات الفساد و السوق السوداء و ينزل للشارع كي يصرخ من أوجاعه المتعددة تلبي مصالح بقاء الوضع المزري على ما هو عليه بل و تفضل استمرار مساوئه على تصحيح مساره رغبة بإستمرار الفوضى المعطلة للحياة الطبيعية و هذا ما اتضح من خلال تركهم للشؤون الداخلية فريسة جشع التجار و المضاربين بالعملة الصعبة و المحتكرين للدولار في حين أن جيوشاً من الدراجات المتسلحة بوسائل القتل و التأديب للناس جاهزة في كل لحظة و دون إستإذن أحد في حين أن ما يتعلق بلقمة العيش لا تتوفر له أي وسيلة من وسائلهم المتعددة رغم أن قيادات مسؤولة عبرت أكثر من مرة أن اللعب بقوت الناس سيدفعنا للنزول الى الشارع و تغيير المعادلة .

 

 

إقرأ أيضا : مش سلطة فاسدة في شعب فاسد


رغم أننا لا نعرف أي معادلة ستتغيير ولا لزوم أيضاً للنزول الى الشارع طالما أنكم السلطة المسؤولة و المعنية و القادرة على إصلاح الأوضاع و خاصة في الجنوب الذي يرفع الرايتان ولا ثالثة لهما وهذا ما يسهل عملية المراقبة و المحاسبة اذا ما قررتم تنظيم الخلل القائم في الخدمات و الحاجيات .

 


إن المسألة هنا ليست سياسية و لعن الله السياسة و السياسيين و لكنها إنسانية وهي مضار الدعوة الحزبية منذ ولادة العمل الحزبي الذي كرّس دوره لخدمة الناس و ما خدمة الناس سوى عبادة كما جاءت به التعاليم و الأدبيات الدينية و الإيديولوجية لذا نرشدكم يا دُعاة الخير الى بذل ما يجب و عدم ترك المحتكرين من المتاجرين و السماسرة يتربصون الناس بشرورهم و إلاّ ثمّة أكثر من علامة إستفهام ستحيط بكم لا كونكم ساكتين بل كمشاركين فعليين مع التجّار الفجّار ممن يحصدون الناس بغلائهم اللامحدود و بإحتكاراتهم للسلع و المواد الأساسية .

 


إن إستمرار اللعب بمادة المازوت يعكس صورة المسؤولين عن الناس كمتلاعبين بإحتياجاتهم و هذا ما سيكرس نزعة البحث عن أطر أخرى تلبي شروط الإنتقال لمسار آخر بعد أن تبُت و بالدليل اليومي ابتعاد المعنيين عن ما يتعلق و يتصل بحقوق الناس و اقترابهم من كل ما له علاقة وصلة بمصالح أولى الأمر و أصحاب النعم .