لا مفرّ من لبوس غير لبوس الطائفة مهما تلوّن وبدا ناعماً وحريرياً طالما أنّها الرقطاء ذات السُم القاتل وهي ما دخلت جسماً إلا وسممته ودون التخلص من أفاعي الطوائف لا خلاص للبنان من سمومه.
 

ماتت حيويات الطوائف أو قتلوها وأردوها شهيدة فسادهم فما عادت بقادرة على فعل شيء سوى الإستزلام وعيش العبودية لأربابها الذين فاقوا كل آلهة مذكورة في كتب التاريخ وتجربة المجتمعات التي خضعت لهذه الأشكال من العبادة والعبودية .

 

 

منذ الطائف عكفت الطوائف على الطاعة لأولي الأمر فانتهى دورها كمجموعة حيّة وناشطة باتجاه حقوقها وقعدت القرفصاء بين رجلي المرجعيات الصالحة بعد أن ُصوّر لها أنّها ربحت كل معاركها الداخلية وحصدت ما زرعته في بيادر الحروب من مغانم في سلطة اتسعت لروّادها من أهل الزعامة دون مشاركتهم، ومع ذلك ارتضوا العيش على فضلات الزعماء وزوجاتهم وأبنائهم وأصهرتهم وأقاربهم والحاشية المستفيدة من بقايا الأرباب والأحزاب .

 

 

من هنا لا عجب في صمت الطوائف بل وفي عروض عضلاتهم المفتولة ضدّ من تسوّل له نفسه القيام على السلطان وعلى السلطة التي يعتبرونها أحد مكاسبهم ومغانمهم ولا إمكانية للتفريط بها تحت أيّ مسوغ من هنا فعلوا أفعالهم الشنيعة بحق من قرر الخروج على الحاكم الظالم والسلطة الفاسدة ممن ذاقوا وبال تجارب الطوائف في الحكم وهالهم ما عاشوا من مرارة الطائفة القوية التي خربت البلاد و العباد ومازالت تجاربها المتكررة تخرب أخر ما تبقى في لبنان من إمتياز وميزة وعلامة فارقة في سماء العرب .

 

إقرأ أيضا : مش سلطة فاسدة في شعب فاسد

 

 

تهدّم الحروب لبنان ولا أحد يسأل ولا من مهتم في النار التي تأكل كل أخضر فيه نُهجّر ونُعرّى وتُهدّم مصالح ونعود من حيث اختبأنا ومن حيث أكلنا الجوع وافترستنا الذئاب الجائعة بحيث بتنا بلا شيء على الإطلاق في أزمة تعصف بحياة كل لبناني غير تابع لمنابع النفط  وبحيث استفقنا فقراء على أبواب الله المغلقة في وجوهنا المتسولة حتى بات رغيف الخبز آخر أحلامنا المتبقية بعد أن أخذوا منا كل شيء حتى الكرامة التي اتخمونا بها لم تعد صالحة لإسكات الجوع وكم الأفواه .

 

 

لقد وصلنا الى نقطة الصفر وبتنا قاب قوسين أو أدنى من الدول الجائعة ومع ذلك فإن الطوائف تغط في نوم عميق وتحلم بزعمائها فتدعو لهم بطول العمر ودوام النعم فيبقون على وسادة نومهم تؤمهم أحلام ما يعبدون مع الله من آلهة هي أعتى من كل آلهة شهدتها الشعوب الفانية وأكثر عُهراً وخُبثاً ولكنها في نظر المريدين ودروايش الطرق الطوائفية والمذهبية هي أكثر حكمة وعفّة وترشح زيت صلاة لكثرة ما فيها من خير خصّها الله به دون العالمين من رٌعاع البشر .

 

 

طالما أن الطوائف على ما هي عليه من عبادة لصنم هنا وآخر هناك فلا رهان على المجهول لأن المعلوم هو هذا الكائن المسخ وهذا الكيان الممسوخ على شاكلة المسخ الأمر الذي يفقد اللبنانيين فرص صحوتهم والعمل على هدم أصنام لا إمكانية لعصا موسى في التغلب على سحر ثعابينها السامة والقادرة على أفك الدولة برمتها ولا مجال معها للتريث ريثما ينتهي زواجها "الماروني" مع زعمائها لإستحالة في طلاق قسري أو طوعي لذا لا مفرّ من لبوس غير لبوس الطائفة مهما تلوّن وبدا ناعماً وحريرياً طالما أنّها الرقطاء ذات السُم القاتل وهي ما دخلت جسماً إلا وسممته ودون التخلص من أفاعي الطوائف لا خلاص للبنان من سمومه.