إن هذا الاستنفار الشامل للطبقة السياسية والحزبية والطائفية يؤكد تورطهم جميعا في الانفجار والانهيار السياسي والمالي والاقتصادي وهم خائفون من النتائج ومن المساءلة، وهؤلاء بعينهم لا يحق لهم التدخل بل يجب منعهم من التدخل في عمل القضاء حتى ظهور نتائج التحقيق، وليكمل القاضي صوان مهمته بالتصحيح والتدقيق أكثر وإلى جانبه ومعه كل اللبنانيين.
 

الطائفية في لبنان علة العلل ومنشأ الأزمات والتراكمات وسياج الحماية للفضائح والفساد والسمسرات ولا أحد من اللبنانيين يقول بغير ذلك.

 

الطائفية في لبنان السد المنيع والحاجز الاسمنتي بوجه أي تغيير أو إصلاح أو تطوير للنظام والحياة السياسية .

 

رؤساء الطوائف جميعهم حماة ورعاة لكل هذه الطبقة السياسية التي تعيث فسادا ونهبا وخرابا بالدولة ومقدراتها وهي جزء لا يتجزأ من هذه المنظمومة.

 

إقرأ أيضا : عون والحريري: أي تشكيلة أحلى!!

 

 

أن يدّعي القاضي على حسان دياب أو غيره  بناء على معطيات لدية وبغض النظر عن ظروف الإدعاء ودستوريته ومخارجه القانونية، وبغض النظر عن اعتباراته السياسية كيدية كانت أو نظير الإملاءات إلا  أنه أسقط قدسية المواقع الوهمية وفتح كوة في جدار الحصانات المضللة القائمة على كذبة الطائفية وهو بين هذا وذاك يقول ومعه كل اللبنانيين أن القدسية الحقيقية هي للقانون وهي لدولة المؤسسات .

 

ما إن صدر القرار بالادعاء على حسان دياب وحتى قبل النقاش بالقرار استحضرت بسحر ساحر لغة الطائفية وكاد مفتي الجمهورية أن يعلن الجهاد فيما ذهب الحريري إلى السراي متضامنا وخرج السنيورة هو الآخر عن صمته وهؤلاء جميعهم اعتبروا حسان دياب في لحظة تكليفه خارجا على الطائفة ونبذوه وأذلوه ومنعوا عنه المواعيد والاستشارات وحتى توزير السنة،فماذا يحصل اليوم؟

 

إن ما يحصل أن زعماء الطوائف رجال دين أم سياسيين وكل المؤسسات الدينية لا تزال تمني نفسها بقدرتها على الإمساك بمؤسسات الدولة، ولا تزال تعتبر أن المساس بالمواقع الطائفية هو من المحرمات وما فعله مفتي الجمهورية بالامس سبقه إليه المفتي الجعفري وسبقه إليه البطرك الراعي، وبالمختصر تلك هي المنظمومة نفسها منظومة الفساد التي تتربع على صدور اللبنانيين منذ عقود وهي تمنع بشتى الأساليب أي فرصة للنهوض بمستقبل البلد وتحريره من نير الظلم والفساد ومافيات النهب والسرقة.

 

إقرأ أيضا : لبنان بين الصفقات الداخلية والمبادرات الخارجية

 

كما أن مشهد قيام بعض القوى السياسية والحزبية برفض قرار القاضي صوان هو اعتداء جديد على مؤسسات الدولة  تقاطع "السنة" مع سائر القوى وهو إساءة جديدة لمفهوم الدولة والقانون، وهو إمعان في الإساءة إلى القضاء كمؤسسة يجب حمايتها وتشجيعها كمؤسسة قادرة ولو بالحد الأدنى على المحاسبة والإدعاء في قضية انفجار المرفأ وغيرها لئلا تضيع حقوق الشهداء وباقي اللبنانيين.

 

إننا نؤيد القضاء اللبناني ونؤيد القاضي صوان عل الاستمرار وفتح الملفات بالكامل ومحاسبة جميع المتورطين وليكن حسان دياب على رأس اللائحة لكنه بالتأكيد ليس وحده، ونشجع المحقق العدلي على عدم التأثر بضغوط الطبقة السياسية الساقطة شعبيا ودوليا وأخلاقيا كما نشجع القاضي صوان أن لا تأخذه غوغاء الحصانات الطائفية أو الحزبية ولا حمايات رؤساء الطوائف من دار الإفتاء إلى دار الفتوى إلى البطريركية فليس ثمة خطوط حمر امام معرفة الحقيقة وأمام دماء الشهداء ولتسقط لذلك كل الحمايات والحصانات الطائفية والنيابية والحزبية. 

 

إن هذا الاستنفار الشامل للطبقة السياسية والحزبية والطائفية يؤكد تورطهم جميعا في الانفجار والانهيار السياسي والمالي والاقتصادي وهم خائفون من النتائج ومن المساءلة، وهؤلاء بعينهم لا يحق لهم التدخل بل يجب منعهم من التدخل في عمل القضاء حتى ظهور نتائج التحقيق، وليكمل القاضي صوان مهمته بالتصحيح والتدقيق أكثر وإلى جانبه ومعه كل اللبنانيين.