إنَّ الأحزاب الطائفية السياسية في لبنان، اجتمعت مصالحهم ومشاريعهم تحت عناوين الوحدة الهشَّة، التي مزَّقتنا إلى وحدات وزرفات، وفتحت أبواباً أمام كسب ومزيد من الحرمان وعدم المحاسبة والمساءلة، بل وزادت من خمولنا وعدم المنافسة الشريفة التي تغني الحياة من أجل أن ننعم بالحدِّ الأدنى من الكرامة الضائعة والمجهولة في زواريب الوطن.
 

منذ أكثر من ثلاثين عاماً، ونحن مسمَّرون أمام زعماء طوائف الأحزاب الإسلامية واللبنانية، ونوافذ بطولاتهم وإنجازات تحرير الدولة من سماسرة ولصوص وقطَّاعي الأرزاق والأعناق، وسارقي أموال الشعب وقوت الشحاذين والفقراء والعاملين بعرق جبينهم، لم نغادر يوماً غرفة الجهة أو الطائفة أو حزب الطائفة، ونعاين الداخلين إليها من شبابيك البؤس والحرمان إلى  المختلسين والمنتفعين على تعب الناس وجوع المحرومين وسلب أمولهم، والخارجين منها بأطنانٍ من الأموال والعقارات، باسم الشعب ورب الشعب.

 

 

 لنخرج من بأس ما نسمع من عدالة عادلٍ يذكرنا بعدلٍ مرَّ في تاريخ هذا الوطن، لعلنا نسمع ولو لمرَّةٍ واحدة من أُذينة زعيم ورئيس الوطن والطائفة والحزب، بأنَّ الوطن واجب الحُبِّ المقدَّس بأبنائه وشعبه، فنسرق بعضنا بعضاً، ونكذب بعضنا بعضاً، فنفترق فيه بدلاً من أن نجتمع عليه، ويأكل كرهنا وغشنا ما تبقَّى من يباسٍ في القلوب، وبعد أن أكلنا أخضره وأصفره وأزرقه، وما فيه من ألوانٍ ودُسُر، بحقد قوانين الرصاص والحرب والدمار والإختلاس والخراب، فالرائد لا يكذب أهله وشعبه. 

 

 

 

إنَّ الأحزاب الطائفية السياسية في لبنان، اجتمعت مصالحهم ومشاريعهم تحت عناوين الوحدة الهشَّة، التي مزَّقتنا إلى وحدات وزرفات، وفتحت أبواباً أمام كسب ومزيد من الحرمان وعدم المحاسبة والمساءلة، بل وزادت من خمولنا وعدم المنافسة الشريفة التي تغني الحياة من أجل أن ننعم بالحدِّ الأدنى من الكرامة الضائعة والمجهولة في زواريب الوطن.

 

 

لقد تنوَّعت المواقف من كل جهة مسؤولةٍ عن حزب الطائفة من تناول أهدافها، كلٌّ يتفنن ويرسم طريقاً من أجل أن يخضع الهاتفين والداعمين له، فتعدَّدت الأهداف والمصالح وبقي الشعب بين القذف والجلب ومغناطيساً يجلب لهم مزيداً من الحلب والنهب. 


 
جاء في شرح "نهج البلاغة" عن أمير المؤمنين علي (ع) في صفة "الغوغاء" أنه قال: "هم الذين إذا اجتمعوا غلبوا وإذا تفرَّقوا لم يُعرفوا"، وأيضاً قيل: "هم الذين إذا اجتمعوا ضرُّوا وإذا تفرَّقوا نفعوا" فقيل له: قد علمنا مضرَّة اجتماعهم، فما منفعة افتراقهم؟ فقال: يرجع أهل المهن إلى مهنهم فينتفع الناس بهم، كرجوع البنَّاء إلى بنائه والنسَّاج إلى منسجه والخبَّاز إلى مخبزه".