هكذا أصبح القاضي صوان مُحاصراً بشياطين السياسة والطائفية والمذهبية والفساد، والذين برعوا خلال العشر سنوات الماضية في تدمير الوطن وزعزعة كيانه واستقراره، ممّا لا يقوى على الوقوف بوجههم قاضٍ نزيهٍ وشجاع في حمأة الإنهيار المالي والاقتصادي والاجتماعي والسياسي، وآخرها الأخلاقي.
 

أولاً: الإدّعاء...


ادّعى بالأمس المُحقّق العدلي القاضي فادي صوان بحقّ رئيس الحكومة حسان دياب وثلاثة وزراء سابقين بجرم التّقصير والإهمال والتّسبّب بتفجير مرفأ بيروت "النووي"، الذي أودى بحياة مئات  المواطنين، وتسبّب بإصابة الآلاف وتشريد مئات الآلاف منهم، بعد أن كان قد كتب للمجلس النيابي طالباً منه القيام بواجباته لجهة ملاحقة أحد عشر رئيس حكومة ووزيراً سابقاً، إلاّ أنّ المجلس النيابي أعفى نفسه من هذه المهمة، وأعاد القضية للمُحقّق العدلي، فتقبّل القاضي صوان هذه المهمة، وادّعى على المسؤولين السياسيين بكلّ شجاعة وإقدام، ولم يتأخر مجلس القضاء الأعلى في تأييده ومساندته، كذلك فعل نقيب المحامين السيد ملحم خلف مُباركاً خطوته المقدامة هذه.

 

 

ثانياً: الإستنفار السياسي.


ظهرت بالأمس طلائع الإعتراضات والإنتقادات في وجه المحقق العدلي عبر برنامج الإعلامي السيد مارسال غانم في برنامجه صار الوقت، فأبدى غانم امتعاضه من ملامح الكيد السياسي التي تضمنها ادعاء صوان على المسؤولين السياسيين الأربعة، وإمعاناً في تشويه مرامي خطوة المحقق العدلي، عمد غانم إلى استقبال أحد المُدّعى عليهم، وزير المالية السابق علي حسن خليل( الذي قامت الإدارة الأمريكية منذ أسابيع قليلة بإنزال بعض العقوبات الاقتصادية والمالية بحقّه) الذي قدّم مداخلةً طويلة لإظهار برائته وشفافيته وعدم مسؤوليّته في انفجار المرفأ، وتتالت بعد ذلك مظاهر الاعتراض والإستنكار لخطوة المحقق العدلي، من علي حسن خليل إلى الوزير السابق غازي زعيتر، وزيارة رئيس الحكومة السابق سعد الحريري للسّراي تضامناً مع رئيس الحكومة المستقيلة حسان دياب المُدّعى عليه، كذلك لاقاهُ المفتي الشيخ دريان دفاعاً عن مقام رئاسة الحكومة المُستضعفة والمُستهدفة على الدوام، وجاءت ثالثةُ الأثافي من جانب حزب الله الذي خرج ببيانٍ طويلٍ عريض، يدعو فيه القضاء للقيام بما يُمليه عليه الواجب لإحقاق الحقّ ونصرة المظلومين وعقاب المجرمين، ومع ذلك يُهيب الحزب بالمحقق العدلي العودة عن قراره السابق واعتماد " معايير واضحة" في التحقيق والإدّعاء، بعيداً عن الكيد السياسي والطائفي.

 

إقرأ أيضا : تشكيلة وزارية حريرية تُقابلها تشكيلة عونية من نفس الجعبة.

 

 

هكذا، أصبح القاضي صوان مُحاصراً بشياطين السياسة والطائفية والمذهبية والفساد، والذين برعوا خلال العشر سنوات الماضية في تدمير الوطن وزعزعة كيانه واستقراره، ممّا لا يقوى على الوقوف بوجههم قاضٍ نزيهٍ وشجاع في حمأة الإنهيار المالي والاقتصادي والاجتماعي والسياسي، وآخرها الأخلاقي، لا بل لعلّه أولها، ومن مخازي الزمن أن يتباهى مُتّهمٌ فاسدٌ ومُرتشٍ تحت قبّة البرلمان اللبناني بطهارته وعفافه، لينال من هيبة ومكانة وعدالة قاضٍ كالقاضي فادي صوان.

 

رحم الله عبداً عرف حدّه ووقف عنده.