سلّمَ رئيس الجمهورية ميشال عون بالأمس  للرئيس المُكلّف سعد الحريري طرحاً حكوميّاً "مُتكاملاً"، كما يقول بيان رئاسة الجمهورية، يتضمن توزيعاً للحقائب على أساس مبادئ واضحة كما يدّعي البيان.

 


هكذا إذن، يُسلّم الرئيس سعد الحريري تشكيلته الوزارية لرئيس الجمهورية بعد أكثر من خمسين يوماً على تكليفه بتشكيل الحكومة الجديدة، والتي كان من المفترض أن تُقدّم خلال الأسبوع الأول من التكليف، فيرُدّ عليه رئيس الجمهورية بتشكيلة من نفس "الجعبة القديمة"، تظهر عليها بالطبع بصمات الوزير السابق جبران باسيل والوزير السابق سليم جريصاتي، وهذه مخالفة دستورية صريحة وفاقعة، وإذا كان الحريري قد تمرّس في خرق الأعراف الديمقراطية التي تحافظ على صلاحيات موقع رئاسة الوزراء وهيبته، فما هي حُجّة رئيس الجمهورية اليوم في خرق الدستور الذي يُنيط برئيس الحكومة المُكلّف وحده تأليف الحكومة ومن ثمّ عرضها على رئيس الجمهورية ليُوقّعها أو يردّها، ولعلّ ما حصل اليوم هو تصرُّفٌ غير مسبوقٍ أبداً في تاريخ تأليف الحكومات في لبنان، ولعلّ تصرُّف رئيس الجمهورية بطرح تشكيلة حكومية مقابل أخرى، يُنذر بموجة جديدة من المُماطلات والتجاذبات وصراع المحاصصات، وفرض النفوذ وإضاعة الفُرص وهدر الوقت الثمين، في حين يتلهّف اللبنانيون اليوم على ولادة حكومة إنقاذية من اختصاصيين مستقلّين تعكف على إخراجهم من أنفاق الفقر والجوع والحرمان، والإذلال والبطالة والهجرة والمرض، وتتصدّى لمخاطر انحلال الدولة وزوال الكيان، في خِضمّ احتدام هذه الأزمات الخانقة والتي تبلغ حدّ الإستعصاء، ما زال رئيس الجمهورية مُمعناً في عدم التّخلّي عن "المكاسب" التي حصدها التيار الوطني الحر خلال فترة اعتلائه سُدّة الرئاسة الأولى، وهذا على حساب لقمة عيش المواطن وكرامته ومستقبله ومستقبل أبنائه، هذا لو تغاضينا عن تهمة خرق الدستور،  وهي التهمة الأولى التي تُبيح محاكمة رئيس الجمهورية.

 

إقرأ أيضا : حُكّامُ لبنان ومسؤوليه..سمّاعون للكذب أكّالون للسُّحت.

 


هل يتحلّى اليوم الرئيس سعد الحريري ببعض ما تحلّى به الرئيس المُعتذر مصطفى أديب، عندما رمى مهمة تأليف الحكومة الجديدة في وجه هذه الطبقة السياسية الفاسدة، وقال لهم: خذوا مُلككم لا كنتم ولا كان، فيرمي  هذا التّكليف في وجه الرئيس وتيّاره وحُلفائه، تاركاً لهم "فضل" تأليف حكومة جديدة شبيهة بحكومة حسان دياب البائسة، تشرف على التّصفية النهائية لدولة لبنان الكبير في ذكرى مئويته الأولى.