كتب منير الربيع في "المدن": في الموعد الذي كان مقرراً لعقد جلسة التفاوض الخامسة حول ترسيم الحدود، سيزور الوسيط الأميركي ورئيس الوفد المشارك في المفاوضات لبنانَ للقاء قيادة الجيش والوفد اللبناني المفاوض. وبعدها يفترض أن ينتقل إلى إسرائيل أيضاً لعقد لقاءات مع فريقها المفاوض.


تأجيل تقني؟
تأتي الخطوة الأميركية بعد قناعة بأن جلسات التفاوض في الناقورة، لا تحرز أي تقدّم. ولذا يحتاج الجانب الأميركي إلى عقد لقاء منفرد مع كل من الطرفين، لإعادة وضع الإطار العام للتفاوض. وتؤكد معلومات أن تأجيل جلسة التفاوض الأخيرة، تقني وبلا خلفية سياسية. فالطرفان، اللبناني والإسرائيلي، يحتاجان إلى مزيد من الوقت، فيما يعمل الأميركيون على إعادة تقريب وجهات النظر بينهما.
وعلى الرغم من أن هذا ما تجمع عليه الأطراف المعنية بالتفاوض، لا يمكن فصل ما يجري عن التطورات السياسية. وكان لافتاً تحرك السفيرة الأميركية دوروثي شيا على خطّ عين التينة، بالتزامن مع إعلان خبر التأجيل. لكن مصادر رئيس مجلس النواب تؤكد أن اللقاء كان محدداً قبل عشرة أيام، وتُدُولت فيه ملفات كثيرة أبرزها ضرورة الإسراع في تشكيل حكومة، ومواكبة مؤتمر الدعم الدولي الإنساني للبنان، الذي يعقد غداً الأربعاء.

 

وتذكر المصادر أن الوصول إلى اتفاق الإطار احتاج إلى 10 سنوات للاتفاق عليه، للقول إن طريق التفاوض طويل، والأميركيون سيعملون على مبادرة مستمرة بين الطرفين. وهذه تحتاج إلى مزيد من الوقت.

مخاوف وتسريبات
في المقابل رصدت مصادر سياسية تحرك السفيرة الأميركية، مستغربة لقاءها مع برّي وليس مع رئيس الجمهورية، طالما أن عون هو من يتولى ملف الترسيم. وهذا للقول إن لقاء عين التينة لا علاقة له بمفاوضات الترسيم، مع الإشارة إلى أن العلاقة المتوترة بين السفيرة الأميركية وجبران باسيل لن تسنح بعقد لقاء مع عون في القصر الجمهوري.
ومن المفارقات، تكاثر التحليلات الداخلية حول احتمال تصعيد عسكري أو توتر أمني بين حزب الله وإسرائيل، تزامناً مع تأجيل جلسة التفاوض. وهناك تسريبات عن أن الأميركيين يجرون عملية انتقال بعض قواتهم من قاعدة رياق في اتجاه بيروت. لكن مصادر عسكرية أشارت إلى أن ما يجري هو تحرك عادي وروتيني للقوات الأميركية، التي تعمل على تدريب القوات الجوية في الجيش اللبناني، وأن لا شيء يدعو للقلق.

مشهدان متناقضان
في الخلاصة ثمة سؤال: "هل كان عقد جلسات التفاوض الأولى للتفاوض فقط؟ قد يكون هذا صائباً، وهدفه استحواذ الإسرائيليين على صورة في هذه المرحلة. بمعنى أن هناك طاولة وضعت للتفاوض وحصل حولها أخذ وردّ، وليس بالضرورة العودة إليها أو أن تفضي إلى شيئ. هذا في حال بقيت الأمور على حالها ولم تشهد أي تصعيد.
وهنا يبرز سؤال آخر: ماهي الدوافع الحقيقية والأساسية للتأجيل؟ هل هي تكتيكية أو تقنية، أم أنها استراتيجية؟ وعلى الرغم من اختلاف وجهات نظر الطرفين اللبناني والإسرائيلي، يبدو أن هناك توافقاً ضمنياً بينهما على عدم جهوزيتهما لإبرام اتفاق. فلا الظرف السياسي يسمح، ولا الوقائع الدولية والإقليمية.

 

ولكن لا بد من الربط بين مشهدين: اغتيال العالم النووي الإيراني، واستمرار مفاوضات الناقورة! لا يبدو المشهدان ممكنين، على الرغم من أن قرار التأجيل جاء بناء على طلب الطرف الإسرائيلي عبر الوسيط الأميركي، الذي يتولى عملية التفاوض غير المباشر بين الطرفين. وهو يسعى إلى إعادة تحضير الأجواء والتأسيس على نقاط مشتركة بينهما، ويمكن البناء عليها لإعادة المفاوضات إلى قاعدتها الجدية.