بعد أن إغتالت أميركا رجل الأمن الأول في إيران قاسم سليماني تم أمس اغتيال رجل العلم الأوّل في إيران محسن فخري زادة وبطريقة سهلة بحيث تبيّن مدى هشاشة الأمن لجهة خرقه من قبل الأعداء سواء كان المنفذ جهازاً أميركياً أو "اسرائيلياً " أو أيّ من تثبت الدلالات الواضحة والكاشفة عن تورطه بهذا العمل السيء .

 


يبدو أن ما أنفق على الأمن حتى الآن في إيران لم يرق بعد لمستوى الضمانة والحماية و هذا ما رفع من منسوب الخوف لدى النظام الحاكم بعد أن تبيّن له قرب اليد الخبيثة منه ومدى بطش قبضتها المتمكنة في دولة تصرف على أمن النظام ما لم تصرفه أيّ دولة أوسطية خاصة وأن تخريب هذا الأمن لا يطال عادة الوسط العام في إيران لأن هذا عمل ممكن ومتاح حصوله في أي دولة في العالم  ولكن أن يكون التخريب على الأمن مستهدفاً لأهداف قيادية مسؤولة في الأغصان الأولى من شجرة الولي ولذوي المواقع الحسّاسة بحيث تنعدم الأمكانية لتكرار أو لوجود أشخاص من رتبتيّ سليماني وزادة ولو أن الإستهداف قد طال نائباً أو وزيراً أو شيخاً لكانت الخسارة غير مخسرة لوفرة هذه العناوين في رفوف الدولة .

 


من الطبيعي أن وراء عملية إغتيال رجل العلم محسن فخري زادة أكثر من هدف و هو ما يتخطى حدود الهدف المباشر ليلامس مرحلة سياسية صعبة تمر بها إيران على ضوء الأزمة الخانقة لها من قبل عقوبات ترمب في السياسة والأعمال وهذا ما دفع الى توتر حار في العلاقات الأميركية – الإيرانية بحيث فشلت كل الوسطات التي تبذلها عادة دول معنية بترتيب وهندسة العلاقات بين الدولتين لصعوبة الرئيس الأميركي الذي لا يمتهن الدبلوماسية بقدر ما يمتهن النزعة الفرعونية التي تستعلي وتتعاطى مع الآخرين كعبيد لها .

 

إقرأ أيضا : بعد زادة بح حكومة

 

 


لا شك بأن التخلص من محسن فخري زادة مكسب و صيد ثمين ولكن وضع إيران في وسط نار مشتعلة مع أميركا على ضوء نجاح جو بايدن والإتيان بإدارة جديدة للبيت الأبيض لرهان على تجربة حميدة أو مقبولة بالنسبة لإيران بدلاً من إدارة ترمب المخربة للعلاقات معها لذلك كان المطلوب وصول بايدن على وقع ضربات حروب و اشتعالات نار في المنطقة كي لا تتراجع الإدارة الأميركية الجديدة عن مواقف الإدارة السابقة من إيران لهذا لم يكن ا ما وراء الإغتيال سراً بل موقفاً واضخاً لذا تعاملت معه القيادة الإيرانية بشيء من الحكمة عندما أعلنت تريثها بحق الرد على عملية الإغتيال الأمر الذي أوضح استمهال إيران ريثما يتبيّن الخيط الأسود من الخيط الأبيض الأميركي كي تحدد إيران إما سياسة الإلتزام بضوابط اللعبة أو انها ستخرج كلياً من اللعبة خاصة وأن لصبرها ولصمودها إحتمال محدود بعد أن ذاقت ويلات الحصار الأميركي على يديّ إدارة ترمب .


بناءً على ذلك يمكن لإيران أن تعيد حساباتها وفق توافقها مع الإدارة الأميركية الجديدة أو انها ستدخل معها واد آخر من الصراع وهذه المرة بطرُق الرد على أهداف مباشرة تطال لُب المصالح الغربية والأميركية وخاصة تلك التي توجع التزامات أميركا الأمنية اتجاه حلفائها وأصدقائها و تضر بهياكلها الإقتصادية وهذا ما سيفتح منطقة الشرق الأوساط لا على تصدعات جديدة بل على مشاريع حروب جديدة تسهم فيها دول عدة و من شأنها أن تسقط الكثير من مصالح أميركا الحيوية والتي تحتاج الى استقرار كي تنعم بها الولايات المتحدة لا الى ما يدمرها وهذه المرة بطرق أكثر جنوناً .