وامام عدم شعور الطبقة السياسية بالأزمة وعدم إكتراثها بمعاناة الناس، فان المعلومات تشير إلى أن الولايات المتحدة الأميركية ستفرض في الأيام المقبلة سلة عقوبات جديدة ما يعني أن هذه العقوبات لا تتعلق فقط بالتعاون مع حزب الله بل لها علاقة بالفساد المستشري في الدولة.
 

في الوقت الذي تتجه الاوضاع الاجتماعية  والاقتصادية في البلاد على مختلف المستويات الى مزيد من التدهور ،يتم الحديث عن دفعة جديدة من العقوبات الاميركية على شخصيات سياسية الابواب اللبنانية، وهي وفق المعطيات من أحزاب حليفة وغير حليفة لحزب الله ومن مختلف المذاهب، وقد تشمل شخصيات سنية ستدرج بسبب تورّطها في ملفات فساد وتقديمها الدعم السياسي لحزب الله وفق المنطق الاميركي. هذه الوتيرة يتوقع ان تشتدّ مع كل يوم يمر قبل 20 كانون الثاني المقبل موعد الخروج المفترض للرئيس دونالد ترامب من البيت الأبيض وتسليمه السلطة للرئيس المُنتخب جو بايدن . 

 

 

في المهلة الفرنسية الممددة خمسة عشر يوما تكرارا، اي حتى نهاية الشهر الجاري، بقيت المياه الراكدة في مستنقع تشكيل الحكومة على حالها من دون ان يحركها اي اتصال او اجتماع بين المعنيين. حتى ان الزيارات الدورية التي يقوم بها الرئيس المكلف سعد الحريري الى رئيس الجمهورية العماد ميشال عون باتت روتينية لا تعوّل عليها آمال كبيرة بامكان الافراج عن التشكيلة العتيدة، ما دامت لا تفضي الى اي خرق.

 

 

ما يعني أن مساعي تشكيل حكومة جديدة تبدو متعثرة ومتوقفة، ارتفع منسوب الحديث عن زيارة سيقوم بها الحريري الى بعبدا في الساعات او الايام المقبلة، لتقديم تشكيلة الى رئيس الجمهورية، في حين تحدثت بعض الاوساط بحذرعن معطيات تفيد بتقدّم ما، تحقق خلف الكواليس. واشارت مصادر مواكبة الى ان الخلاف لازال على من يسمي حقائب الخدمات. فالتيار يريد حقيبة الطاقة وتسمية وزيرها كما هي الحال في حقيبة المالية التي يسمي وزيرها الثنائي الشيعي، فيما يفترض التشكيل موافقة باريس على هويات وزراء المال والاشغال والطاقة والاتصالات والثقافة، لكون هذه الوزارات على علاقة مالية بالمبادرة الفرنسية، ويفترض ان يتم التوافق عليهم من ضمن المواصفات والمعايير الفرنسية، اي وزراء اختصاصيون مستقلون غير حزبيين.

 

 

في هذا السياق يقول مرجع سياسي لبناني كبير إن الحديث عن توسيع رقعة العقوبات الأميركية وإمكان شمولها بعض القيادات المتحالفة مع حزب الله، وحتى المتعاونة سياسياً، بدأ منذ العام 2018، إلا أننا بداية لم نأخذ الأمر على محمل الجد، أما الآن فباتت المسالة أمراً واقعاً، وباتت العقوبات سيفاً مسلطاً على جميع القوى السياسية، موضحاً أن في جعبة الإدارة الأميركية سلسلة من القوانين، تستطيع من خلالها إدراج شخصيات سياسية على قوائم العقوبات، بدءاً من قانون أوفاك، أي مكتب مراقبة الأصول الأجنبية، إلى قانون قيصر الذي يحظر التعاون مع النظام السوري، ثم قانون ماغنيتسكي المرتبط بالفساد، وصولاً إلى قانون هيفبا الخاص بالعقوبات علىحزب الله، واعتباره منظمة إرهابية .

 

إقرأ أيضا : رغم الضغوط الخارجية سياسة النعامة سيدة الموقف

 


وتشير المعلومات إلى أن فرض العقوبات على سياسيين لبنانيين كانت نقطة تباين بين الفرنسيين والأميركيين، إلا أن احتضار المبادرة الفرنسية التي سعى إليها الرئيس إيمانويل ماكرون أزالت التباين مع الأميركيين.


أن وتيرة العقوبات ستشتد كلما اقتربنا من منتصف كانون الثاني المقبل، موعد خروج الرئيس دونالد ترمب من البيت الأبيض، وتسليمه السلطة للرئيس المنتخب جو بايدن. السفيرة الاميريكية في بيروت دورثي شيا أدلت بتصريحٍ ، فُسّر تلويحاً بالتخلّي عن لبنان، حين كشفت أنّ واشنطن لم تبتعد، حتى الآن، عن لبنان.  

 

 

في تصريحها المثيرة للجدل،غمزت شيا من قناة العزلة التي بدأ لبنان يعانيها دولياً، ولو تعمّد البعض إحاطتها بـالكتمان والسرية، فدول الخليج التي تمارس النأي بالنفس إزاءه منذ بدايات العهد، انتقلت إلى مرحلةٍ متقدّمة عنوانها الابتعاد الدبلوماسي، وترجمتها بـسحب تكتيكيّ للسفراء، شمل حتى الآن السعودية والإمارات  والكويت. 

 

 

في مقابل العزلة الدولية الآخذة في التفاقم أكثر فأكثر يوماً بعد يوم، وفي ضوء المراوحة التي تطبع أداء السياسيّين اللبنانيّين، المتمسّكين بما دأبوا عليه تقليدياً من محاصصة وما شابهها، يبدو أنّ التشدّد الأميركي آخذٌ بدوره في الازدياد، وهو ما دلّت عليه بوضوح التصريحات الأخيرة للسفيرة شيا، والتي خرجت في بعض جوانبها عمّا اعتادت عليه الدبلوماسية الأميركية لسنواتٍ خلت.

 

 

 وعليه إذا كان رفض التدخّلات الخارجيّة من البديهيات لأيّ دولة سيدة وحرة ومستقلة، كما يدعي اللبنانيون، ممّن يستجدون التدخلات والتدخلات المضادة، فإن المشكلة الكبرى تبقى في أنهم من شرعوا الباب لمثل هذه الضغوط، ولا يزالون بإصرارهم على المضي في سياساتهم المؤدية إلى جهنم وبئس المصير، من دون خوف سوى على حصصهم. 


بناءً على ما تقدم يبدو بديهياً أن لبنان دخل مرحلة السوداوية السياسية بعد مرحلة من الضبابية التي كان فيها الأمل كبيراً بولادة حكومة تضع الإنقاذ مدخلاً للخروج من قاع الهاوية .

 

 

 وامام عدم شعور الطبقة السياسية بالأزمة وعدم إكتراثها بمعاناة الناس، فان المعلومات تشير إلى أن الولايات المتحدة الأميركية ستفرض في الأيام المقبلة سلة عقوبات جديدة ما يعني أن هذه العقوبات لا تتعلق فقط بالتعاون مع حزب الله بل لها علاقة بالفساد المستشري في الدولة.