قام رئيس مجلس النواب نبيه بري بالإنعام على القاضي المخلوع بتعيينه مُديراً عاماً في مجلس النواب، وذلك خرقاً للقوانين اللبنانية التي تمنع إسناد وظيفة عامّة لموظّفٍ سبق أن صُرف من الوظيفة العامة، وخرقاً للأعراف القبلية العربية في العصر الجاهلي
 

أولاً: الخليع في العصر الجاهلي...


في العصر الموصوم بالجاهلي كان الفرد يتمتع بعطف قبيلته عليه وحمايتها له ما دام قائماً بواجباته كاملة، شاعراً بعِظم التبعية، حتى إذا أجرم، أو ارتكب عملاً يُنافي شرفه أو شرف القبيلة، كاسراً أعرافها، فقدَ عصبية أهله وقبيلته، وهامَ على وجهه طريداً يلتمس مجاورة رجلٍ من قبيلةٍ أخرى، ويُقال للرجل الذي تغضب عليه قبيلته وتحرمه عطفها وعصبيتها له ( الخليع)، ويُقال ذلك للرجل الذي يخلعه أهله، وقد يوصف بالرّجل اللعين، واللعين هو المطرود، ويُقال له ( الطريد)، ولا يُكتفى بذلك، إذ لا بدّ من إعلان خلع الخُلعاء في المواسم كموسم الحجّ، أو الأسواق كسوق عُكاظ،  يُنادي فيه المنادي بخلع من يُرادُ خلعه، وكان أهل مكة يُكلّفون منادياً بالطواف في الأحياء، وقد يكتبون كتاباً يُعلّقونه في مكانٍ عام ليقف الناس عليه( الأغاني، ج٨، ص٥٢).

 

 

إقرأ أيضا :  على أميركا العودة عن العقوبات الاقتصادية، للحفاظ على الصداقة وحماية المسيحيين

 

 

ثانياً: الخليع في عصر الزعيم نبيه بري...


في مسلسل فضائح الطبقة السياسية اللبنانية الفاسدة الذي دأبت قناة Lbc على عرضه منذ أيامٍ معدودات، أنّ قاضياً في مدينة صور عمد إلى تزوير حُكم قضائي بحقّ أحد أبناء المدينة لمنعه من التّرشّح لعضوية المجلس البلدي عام ٢٠١٠، وذلك لتمكين لائحة حركة أمل-التي يتزعمها رئيس المجلس النيابي نبيه بري- من الفوز بالتزكية، وبعد افتضاح أمر القاضي المُرتكِب، قام مجلس القضاء الأعلى بفصله من سلك القضاء، واكتفى بذلك بدل اعتقاله وسجنه، كما تجري العادة عند القُضاة بإنزال العقاب اللازم بالمُجرم المُدان أمامهم، والقصّة الدرامية لم تنتهِ هنا، فقد قام رئيس مجلس النواب نبيه بري بالإنعام على القاضي "المخلوع" بتعيينه مُديراً عاماً في مجلس النواب، وذلك خرقاً للقوانين اللبنانية التي تمنع إسناد وظيفة عامّة لموظّفٍ سبق أن صُرف من الوظيفة العامة، وخرقاً للأعراف القبلية العربية في العصر الجاهلي، فما بالك في عهد الإسلام الذي يقطع يد السارق ويجلد ثمانين جلدةٍ في حدّ الخمر.
قال أبو الأسود الدؤلي:


ذهب الرجال المُقتدى بفعالهم 

والمُنكرون لكلّ أمرٍ منكرِ

وبقيتُ في خلْفٍ يُزيّنُ بعضهم 

بعضاً ليدفع مُعوِرٌ عن مُعوِرِ

سلكوا بُنيّات الطريق فأصبحوا 

مُتنكّبين عن الطريق الأنورِ

أبُنيَّ إنّ من الرجال بهيمةً

في صورة الرجل السّميع المُبصرِ

فطناً بكلّ مُصيبةٍ في ماله

فإذا أُصيبَ بدينه لم يشعُرِ.