لم يتبدّل المشهد الحكومي إثر زيارة الموفد الفرنسي باتريك دوريل، فالعِقَد ما زالت على حالها، والخرق العملي الوحيد، ربما، كان اتصال كسر الجليد بين الرئيس المكلّف سعد الحريري ورئيس "التيار الوطني الحر" جبران باسيل بمبادرة من دوريل، اعتقاداً منه انّ الاتصال سيفتح باب الحلحلة، فيما المشكلة ليست بالتواصل، إنما بالشروط التي يضعها باسيل ولا يستطيع تحمّلها الحريري، الذي يعمل على التخفيف منها، بدءاً من انتزاع حقيبة الطاقة من حضن باسيل، وصولاً إلى الاتفاق مع الرئيس ميشال عون، لا مع باسيل، على أسماء التشكيلة الحكومية مجتمعة. وسيضع دوريل اليوم على طاولة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون خلاصة جولته الاستطلاعية في بيروت، لكي يبني على الشيء مقتضاه، ويقرّر في ضوء هذا التقرير، الخطوة التالية المتصلة بالمؤتمر الذي كان ينوي عقده، او مجيئه إلى لبنان، في محاولة شخصية منه لكسر الجمود الحكومي. ولكن، لا مؤشرات إلى حماسة باريس للدعوة إلى مؤتمر لمساعدة لبنان، طالما انّ الحكومة لم تتألّف، فضلاً عن انّ العنوان الأساس لزيارة دوريل لم يكن العقوبات ولا غيرها، إنما تأكيد التلازم بين التأليف وبين انعقاد المؤتمر، من منطلق انّ إقرار اي مساعدات يستدعي وجود حكومة، كما انّ اعلان ماكرون عن المؤتمر حصل كخطوة في سياق اتفاق متكامل، وليس كخطوة معزولة في الزمان والمكان.

 

قالت مصادر مطلعة لـ"الجمهورية"، إنّ لا مؤشرات ايضاً لزيارة ثالثة للرئيس الفرنسي إلى لبنان لثلاثة أسباب أساسية:

 

ـ السبب الأوّل يرتبط بانشغاله في متابعة التطورات التي تتراوح بين الأمنية وصولاً إلى الصحية، والتي تفاقمت كثيراً أخيراً وشغلت الرأي العام الفرنسي.

 

ـ السبب الثاني يتعلّق بعدم رغبته في ان تلقى محاولته الثانية مصير المحاولة الأولى، في ظلّ غياب اي ضمانات لقدرته على اجتياز صحراء الفراغ، وبما ينعكس سلباً على صورة فرنسا ودورها.


 

ـ السبب الثالث يتصل بانتخاب رئيس أميركي جديد، وبالتالي يفضِّل ان تأتي مبادرته بعد دخول جو بايدن إلى البيت الأبيض، وان تكون الإدارة الجديدة قد تسلّمت ملفاتها ودرستها، وبالتالي لا شيء متوقعاً قبل ذلك الحين.