تحت عنوان الحكومة في علم الغيب.. العقوبات تعيد باسيل الى مربع التأليف!، كتب غسان ريفي في "سفير الشمال": أرخت العقوبات الأميركية على رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل بثقلها على عملية تشكيل الحكومة، في سيناريو مكرر عن العقوبات التي فُرضت على الوزيرين السابقين علي حسن خليل ويوسف فنيانوس وأطاحت بجهود تشكيل حكومة السفير مصطفى أديب، مع إختلاف في طبيعة المعاقبين وقربهم من العهد.

 


إذا كانت العقوبات الأولى دفعت فريق 8 آذار الى التشدد في الشروط ما حمل السفير أديب الى الاعتذار، فإن العقوبات الثانية لها إمتدادات سياسية واسعة من العلاقة المتوترة بين الرئيس سعد الحريري والنائب باسيل وما تختزنه من صراع واضح على شكل ومضمون الحكومة، الى إنحياز رئيس الجمهورية ميشال عون الى صهره ومحاولاته إنتاج حكومة على قياسه، فضلا عن تعاطيه مع العقوبات من منطلق حزبي وعائلي، حيث سارع الى مخاطبة الأميركيين عبر وزارة الخارجية لارسال الأدلة التي على أساسها تم فرض العقوبات على باسيل، في حين لم يحرك ساكنا حيال العقوبات التي فرضت على خليل وفنيانوس.

 

لا شيء في الأفق يوحي بإنفراجات في ملف تشكيل الحكومة، ما يعني أنها باتت في علم الغيب، الى حين التكيّف مع المستجدات السياسية التي نتجت عن العقوبات الأميركية على باسيل الذي يبدو أنه تخلى عن الحذر في التعاطي بهذا الملف ونصّب نفسه شريكا للحريري، وهو عبّر عن ذلك في مؤتمره الصحافي عندما أعلن تحرره من الأميركيين.

 

بات معلوما، أن ما قبل العقوبات على باسيل ليس كما بعدها، ففي السابق كان الرئيس ميشال عون في الواجهة وكان باسيل يختبئ في الظل ويرسل الاشارات باتجاه قصر بعبدا خوفا من العقوبات التي كانت بمثابة سيف مسلط على رقبته، أما بعد فرض العقوبات فلم يعد هناك لباسيل ما يخشاه، وبالتالي فهو بدأ بحجز مكان له على طاولة المشاورات لتحقيق “وحدة المعايير والميثاقية” التي ينادي بها والتي يعلم القاصي والداني أنه يسعى من خلالها الى وضع يده على الحكومة.

 

كل المعطيات تشير الى أن العقوبات جبّت ما قبلها من إتفاقات حصلت بين الرئيسين عون والحريري في اللقاءات التي توقفت عند الرقم خمسة، حيث تقول المعلومات أن اللقاءين السادس الذي عقد يوم صدور العقوبات، والسابع الذي عقد يوم أمس كان كلام رئيس الجمهورية فيهما مغايرا تماما.

 

وتضيف المعلومات: إن رئيس الجمهورية عاد وطلب من الحريري بأن تكون الحكومة عشرينية أو 24 وزيرا، في إشارة منه الى التمسك بالثلث المعطل، في حين تراجع الحريري عن التخلي عن وزارة الداخلية خشية إثارة حفيظة الشارع السني، وعدم إعتماد المداورة في الحقائب السيادية، وإقتصارها على الوزارات الخدماتية الأمر الذي رفضه رئيس الجمهورية إنطلاقا من تمسك التيار الوطني الحر بحقيبة الطاقة أو حقيبة الاتصالات التي يضع الحريري عينه عليها.

 

هذه الشروط والشروط المضادة ستكون مدار بحث في اللقاءات التي سيعقدها الموفد الفرنسي باتريك دوريل الذي يصل اليوم الى بيروت، في وقت يرى فيه متابعون أن دخول الأميركي على عملية التأليف من خلال العقوبات كشريك مضارب أضعف النفوذ الفرنسي الذي لن يكون فاعلا كما كان مع زيارتيّ الرئيس إيمانويل ماكرون غداة إنفجار 4 آب وفي مطلع أيلول الفائت، وأن الشروط الموضوعة من قبل التيار الوطني الحر والتي يتبناها رئيس الجمهورية بالكامل ستحول دون ولادة الحكومة التي قد تطول الى أجل غير مسمى، خصوصا أن مصادر مطلعة أكدت أن وفدا يحمل مشروعا زار الرئيس ميشال عون مؤخرا، وأكد له أنه سينفذ مشروعه بالتزامن مع ولادة الحكومة، فأجابه الرئيس عون: “نفذوا مشروعكم الحكومة ستتأخر!.”