وأخيراً اكتشف وزير الخزانة الأميركية فساد الوزير السابق جبران باسيل، قبل أن يكتشف ذلك وزير الخزانة اللبنانية( لربما بسبب انغماس هذا الأخير بالفساد عينه)، فأنزل بحقّ باسيل أقسى العقوبات المالية، فشفى بذلك غليل اللبنانيين الصابرين الغافلين الذين ضاقوا ذرعاً بفساد وعدم أهلية هذا الطارئ على الحياة السياسية اللبنانية، بفضل صعود عمّه الرئيس عون إلى سدة الرئاسة الأولى، وأودت التصرفات غير المسئولة في عهد  الرئيس عون بقيادة صهره الوزير جبران باسيل،  إلى انهيارٍ كاملٍ على مختلف الأصعدة منذ حوالي عامٍ مضى، ولطالما لعب باسيل أدوار التّعطيل وعرقلة عمل المؤسسات الدستورية والإدارية والقضائية، بعد أن كان قد عاث فساداً في وزارة الطاقة، حيث بلغ هدر قطاع الكهرباء وحده أكثر من أربعين مليار دولار أمريكي خلال عشر سنوات من احتجازه هذه الوزارة لشخصه أولاً، ومن ثمّ لمُستشاريه الذين عيّنهم وزراء بالتتالي، وهذا الهدر وحده يوازي نصف الدّين العام الذي يرزح تحته البلد، وكان باسيل قد ساهم في خراب وزارة الاتصالات عندما كانت في قبضته وسلّمها للوزير نقولا صحناوي( يتبع للتيار الوطني الحر الذي يتزعمه باسيل )، فعمد الصحناوي إلى إعفاء شركتي الاتصالات المتعاقدة مع الدولة من أعباء تشغيل القطاع على نفقتها كما ينُصّ العقد الأصلي، ورمى تلك الأعباء على عاتق الدولة، ممّا فسح المجال لحشد الموظفين والمحاسيب برواتب عالية، ممّا أدى إلى خراب القطاع وتدنّي مداخيله، وبالعودة إلى وزارة الطاقة، فقد أهدر باسيل مئات ملايين الدولارات على سدود مائية ثبُت فيما بعد عدم فائدتها وعدم صلاحيتها، وكان آخرها سدّ بسري الذي أُوقف تحت ضغط المجتمع المدني والإنتفاضة الشعبية، بعد أن استشرف الجميع مخاطره البيئية والتراثية، فضلاً عن عدم جدواه وفساد القائمين على تنفيذه، هذا قبل أن ننسى أنّ باسيل كان قد خرّب علاقات لبنان الدولية والإقليمية، بسبب ارتمائه اللامحدود في أحضان حزب الله.

 

إقرأ أيضا : فضيحة الطحين العراقي، وزير الإقتصاد اللبناني وعبدالملك بن مروان.

 

 


يبقى أنّ العدالة القادمة من وراء البحار، قد تشفي غليل البعض، وتعطي بعض الأمل بأنّ العقاب لا بدّ أن يطال كلّ فاسدٍ وعميل، إلاّ أنّ العدالة الداخلية يجب أن تحصل عاجلاً أم آجلاً، لينال كلّ فاسدٍ عقابه الطبيعي، ويودع في أقربٍ سجنٍ من مقرّ إقامته، حيث يقبع غيره من اللصوص وقُطّاع الطرق وناهبي المال العام والخارجين عن القانون.

قال أبو وائلة بن خليفة في عبدالملك بن المُهلّب:

 

لقد صبرَت للذّلّ أعوادُ منبرٍ

تقوم عليها في يديك قضيبُ

بكى المنبرُ الغربيُّ إذ قُمتَ فوقه

فكادت مساميرُ الحديد تذوبُ

رأيتُك لمّا شِبتَ أدركك الذي 

يُصيبُ سراة الأزد حين تشيبُ

سفاهةُ أحلامٍ وبُخلٌ بنائلٍ

وفيك لمن عاب المزون عيوبُ.