في انتظار جلاء تداعيات العقوبات الأميركية على رئيس التيار الوطني الحر جبران  باسيل، والمفاعيل التي قد تترتّب عليها، فإنّ الصورة الحكومية لم تثبت بعد بل ما زالت متأرجحة بين الايجابيات والسلبيات، وهو ما عَكسته مشاورات التأليف بين رئيس الجمهورية والرئيس المكلف، والتي أكدت حتى الآن:

 

اولاً، انّ الرئيسين يريدان الحكومة، لذلك لا موجب لإهدار الوقت بل الاندفاع نحو تأليفها لمواجهة الاستحقاقات الداهمة، وانّ نجاح الحكومة هو نجاح لكليهما وليس لأيّ منهما على حساب الآخر، ومن هذه الخلفية دخلا في هذه المشاورات حول تأليفها. ولكن في عمق موقفيهما، يتبيّن أنّ لكلّ منهما أولويّاته المختلفة عن أولويّات الآخر، وهذا الأمر من شأنه ان يخلق مَطبّات بينهما في اي وقت وحول اي تفصيل، وهذا ما حصل بالفعل في اللقاءات التي جمعتهما بعد تكليف الحريري.


 
 

ثانياً، من البداية، كان تأكيدٌ من قبل الطرفين على استعدادهما للتفاهم حول اية أسماء تُقتَرح للتوزير من دون وضع «فيتو» مسبق على اي إسم، الّا انّ هذا الامر لم يتم الالتزام به.

 

ثالثاً، الحريري مرتاح لموقف حركة «أمل» و»حزب الله»، اللذين أبلغاه من البداية أنهما، بعد حسم وزارة المالية من الحصة الشيعية في الحكومة، سيكونان في موقع المتعاون والمسهّل امام الحريري ولن يصدر من قبلهما ما يمكن ان يُعيق هذه المهمة، لا من حيث حجم الحكومة، وإن كانا يفضّلان حكومة أوسع من 18 وزيراً لكي تكون فيها مروحة التمثيل أوسع، ولا من حيث الحقائب الوزارية التي ستُسنَد الى شخصيات يسمّيها الثنائي الشيعي. وهذا ما تَبدّى حينما عرض الحريري عدم إبقاء وزارة الصحة في يد شخصية يسمّيها «حزب الله» واستبدالها بحقيبة خدماتية أخرى، كالاشغال، حيث لم يمانع الحزب وإن كان يفضّل لو أنّ هذه الحقيبة بقيت لشخصية يسمّيها.

 

رابعاً، الحريري مرتاح ايضاً لموقفَي وليد جنبلاط وسليمان فرنجية اللذين لم يطرحا أمامه أي شروط.

 

خامساً، إنّ الأولوية الاساس للحريري هي ألّا يكون هناك «ثلث معطّل» في يد أي طرف بعينه في الحكومة، وذلك حتى لا يُشهَر هذا الثلث في وجهه أمام ايّ موقف أو منعطف تمرّ به الحكومة او امام اي قرار ستتخذه. لكن هذا الامر ما زال يصطدم بحصة رئيس الجمهورية وفريقه التي ما زالت تدور حول الثلث المعطّل، وهو أمر ليس مُستساغاً من الحريري ومن سائر الاطراف المعنية بالمشاركة في الحكومة.