مصادر سياسية مراقبة كشفت عن دخول أكثر من فريق على خط العرقلة التي بدأت ملامحها تظهر في اليومين الأخيرين في مواقف وتصريحات فريق رئيس الجمهورية الذي يرفض منح الرئيس المكلّف سعد الحريري صفة الشريك الأساسي في تشكيل الحكومة، ويمنعه من توزيع الحقائب الأساسية على معارضي العهد.
 

يؤكد بعض المتابعون  للاوضاع الحكومية، أنّ كلّ ما يحكى عن اتفاق مثبت إزاء أيّ حقيبة باستثناء المالية، هو منافٍ للحقائق والوقائع. كلّ ما في الأمر أنّ رئيس الحكومة المكلّف سعد الحريري يفتح باب التعاون على كلّ الأفكار والطروحات التي من شأنها أن تسهّل ولادة حكومته، لكنّ لا اتفاق نهائياً على أيّ من الحقائب وتحديداً السيادية منها. وما المشاورات الحاصلة حول مداورة حطّت رحالها في مبنى الصنائع وقصر بسترس إلا محاولة لكسر احتكار الوزارات، لكن دون تثبيت هذا المبدأ عراقيل عدّة، خصوصاً أنّه لا معنى من حصر المداورة بحقيبتين فقط، لأنّ الغاية أبعد منهما.

 

يقول هؤلاء إنّ عراقيل أطّلت برأسها ونصبت حواجز على درب التأليف قد تنسف كلّ ما جرى تحقيقه حتى الآن من تقدّم، إذا لم تبدِ الأطراف المعنيّة ليونة وتسهيلاً من شأنهما المساهمة في استكمال النقاش. ولهذا يعتبرون أنّ مبادرة الحريري إلى تكريس المداورة وإبداء تعاونه في التخلّي عن حقيبة الداخلية، قد لا تؤدّي غرضها إذا لم تستكمل المداورة عقدها وتشمل برعايتها بقية الحقائب الأساسية، وأهمها الطاقة والعدل. تراجعت أجواء التفاؤل التي طغت في الأيام الماضية على مشاورات تشكيل الحكومة مع عودة الحديث عن عقد تدخل في أسس عملية التأليف ولا سيما تلك المتعلقة بعدد الوزراء والمداورة في الحقائب إضافة إلى توزيع الوزارات السيادية والخدماتية ،وتقول مصادر مطلعة على الاتصالات هناك نقاش مستمر حول بعض القضايا المرتبطة بتوزيع الحقائب على الطوائف والأحزاب وأخرى متعلقة بالوزارات الخدماتية مثل الصحة والأشغال، كان يفترض أن تجد طريقها إلى الحل بسرعة لكن عادت وتعثرت، مشيرة إلى أن تأليف الحكومة سيحتاج إلى أيام إضافية بعدما كان متوقعا أن يعلن عنها في بداية الأسبوع المقبل.

 

 

برزت مظاهر التعقيدات في اليومين السابقين التلطي وراء عقدة مفتعلة سميت العقدة الدرزية وراحت الجهات الضاغطة تحاول حشر الرئيس المكلف سعد الحريري فيها من خلال الضغط عليه لتوزيع الوزراء الدروز بين الحزب التقدمي الاشتراكي والنائب طلال أرسلان علماً أن الرافعة الأساسية لتكليف الحريري كانت على يد الزعيم الدرزي وليد جنبلاط فيما رفض أرسلان تكليف الحريري وقاطع الاستشارات فاذا بهم الآن يضغطون لتمثيله بوزير.وعليه عادت خلال الايام القليلة الماضية العصي لتدخل دواليب الحكومة المفرملة، بعد بروز عُقد جديدة أبرزها تحفظات أبداها الثنائي الشيعي على حكومة الـ 18 وزيراً، مطالبين إمّا برفع العدد إلى 20 وزيراً أو خفضه إلى 16 وزيراً، وذلك على الرغم من الكلام الإيجابي للأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله مساء أمس الأول عن تسهّيل عملية التشكيل بقدر ما يمكن.

 

 وفي ظل هذه المعطيات بدا مستبعداً أن يكون استحقاق التشكيل والتأليف مسهلاً وسلساً كما اتسمت الأيام الأولى بعد تكليف الحريري إلى أن بدأت تتكشف مظاهر العرقلة.

 

إقرأ أيضا : تأليف الحكومة على ضوء الشروط الداخلية والضغوط الخارجية

يحدث كل ذلك في ظل معطيات تحدّثت عن تمايز في الموقف الاميركي حيال تأليف الحكومة متأثر برياح الانتخابات الرئاسية التي بلغت أوجها مع اقتراب موعد فرز النتائج ويعكسه التضارب في التوجهات بين وكيل وزارة الخارجية ديفيد هيل المتساهل والسفيرة الاميركية اليزابيت ريتشارد التي تمارس ضغوطاً على الحريري لمنع تسرّب أي وزير الى حكومته محسوب على حزب الله. ومع دخول الولايات الأميركية أجواء الاحتدام الفعلي للانتخابات الرئاسية التي ستجري الثلثاء المقبل، وانشغال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في لملمة تداعيات الإساءة إلى النبي محمد وما خلّفته من أعمالٍ إرهابية كان آخرها إطلاق النار على كاهنٍ في مدينة ليون السبت، دخل لبنان حلقة التأزم السياسي من جديد، وأضاع بشكلٍ متكرّر فرصة تشكيل الحكومة التي كانت متوقعة هذين اليومين، مع إجماع أكثر من جهة على تحميل مسؤولية إضاعة الفرصة عبر تصعيد الشروط، إلى الدوائر المحيطة بالعهد، ولا سيّما بعد البيان الذي صدر عن التيار الوطني الحر أمس، وما صدر في المقابل من مواقف من تيار المستقبل، لا سيّما من القيادي مصطفى علوش.

 


 
مصادر سياسية مراقبة كشفت عن دخول أكثر من فريق على خط العرقلة التي بدأت ملامحها تظهر في اليومين الأخيرين في مواقف وتصريحات فريق رئيس الجمهورية الذي يرفض منح الرئيس المكلّف سعد الحريري صفة الشريك الأساسي في تشكيل الحكومة، ويمنعه من توزيع الحقائب الأساسية على معارضي العهد. وتوقفت المصادر عند التدخل المباشر لرئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل للعرقلة من خلال اختلاق ما سمّي بالعقدة الدرزية.

 

 

ونقلت المصادر عن الرئيس المكلّف انزعاجه الشديد من عرقلة الاندفاعة التي أظهرها في تشكيل الحكومة معتمداً على الوعد الذي قطعه له عون بعدم السماح لأي فريق بالتدخل في عملية التشكيل المنوطة بهما دون سواهما، ليتفاجأ بأن الأمور تسير عكس ما يتوقعه، وهو ما جعله يفرمل اندفاعته ويتريّث بتسليم رئيس الجمهورية مسودة تشكيلة الحكومة، بانتظار انقشاع الرؤية على خط بعبدا بيت الوسط. 


مصادر بيت الوسط حاذرت من الدخول في أي سجالٍ سياسي، مؤكدةً التزامها الصمت إلى ما بعد اللقاء المرتقب بين الحريري وعون وما قد ينتج عنه، متوقعةً أن تعود الأمور إلى مسارها الطبيعي في الساعات الـ48 المقبلة.

 


بدورها لفتت مصادر عين التينة ،إلى أن مسار تأليف الحكومات في لبنان يمرّ عادة في مخاضات قد لا تكون سهلة بالنظر إلى تعقيدات التركيبة السياسية اللبنانية، لكنها ما زالت على تفاؤلها بتشكيل الحكومة في اليومين المقبلين في حال لم يطرأ ما يؤجّل عملية التشكيل، مجددةً تأكيدها عدم الربط بين التأليف والانتخابات الأميركية، لأن الرهان على ذلك يضع لبنان أمام أزمةٍ طويلة.