الدعوة اليوم في ذكرى ولادة النبي الأكرم (ص) الى ترسيخ مفاهيم الوحدة والتسامح والمحبة والتراحم والتآخي بين الجميع وهكذا فقط نحتفل برسول الله ونثبت للعالم كله أن رسالة محمد هي رسالة المحبة والتلاقي .
 

تبدأ اليوم احتفالات العالم الاسلامي بذكرى ولادة نبي الله محمد بن عبد الله (ص) وتعم البلدان الاسلامية كافة مظاهر مظاهر البهجة والفرح بهذه الذكرى المباركة  وتنطلق هذه الاحتفالات من قدسية الرسول الأكرم ورمزية حضوره المبارك إلى الحياة وقد كانت ولادته  (ص) إيذانا ببداية مرحلة جديدة في تاريخ البشرية.

 

 

يقول الله تعالى في كتابه المجيد: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِداً وَمُبَشِّراً وَنَذِيراً * وَدَاعِياً إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجاً مُنِيراً}(الأحزاب: 45-46). ويقول تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلا كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيراً وَنَذِيراً}(سبأ: 28).

 

 

لقد أعطى الله سبحانه بعضا من صفاته لنبيه ليكون نبي الرحمة 


وقد أرسله شاهداً ومبشّراً بالسلام والمحبة والرحمة والإحسان فلم يكن رسول الله (ص) في يوم من الأيام ذا بطش أو طغيان وقد كانت مهمَّته (ص) أن يدعو النّاس إلى الله الّذي حدَّد له منهاج الدعوة بقوله تعالى: {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالحِكْمَةِ وَالمَوْعِظَةِ الحَسَنَةِ}(النحل: 125)، وأراد له أن يكون السراج المنير الذي ينير للنَّاس عقولهم، ويضيء لهم تفكيرهم، ويُدخل الخير إلى قلوبهم وحياتهم العامّة، لأنَّ دور النبيّ(ص)، هو أن يُخرج النّاس من الظّلمات إلى النور، ولذلك كان(ص) نوراً في عقله، فلم يكن فيه أيّة ظلمة، بل كان المعصوم في العقل الّذي لا يخطئ في التّفكير، وكان نوراً في قلبه، فلم يكن قلبه ينبض إلا بما ينير للنّاس إحساسهم الشّعوريّ والعاطفيّ، وكان نوراً في حياته، فلم تصدر عنه أيّة معصية.

 

 

 

كان النبيّ(ص) معصوماً بكلّه؛ بعقله وقلبه وحياته كلّها، ولم تكن دعوته مقتصرةً على المنطقة التي عاش فيها، وإن مثَّلت تلك المنطقة قاعدة الدعوة ومنطلقها، بل كانت دعوةً للنَّاس كافةً: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ}(سبأ: 28)، وفي آية أخرى: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ}(الأنبياء: 107). وأراد الله له أن يقول: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا}(الأعراف: 158)، فقد كان الرَّسول العالميّ الّذي لا تقتصر رسالته على مجتمع دون مجتمع، وكانت رسالته خاتمة الرّسالات، لذلك فهي لا تختصّ بمكان دون مكان، ولا بزمان دون زمان، بل هي دعوة للحياة: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اسْتَجِيبُوا للهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ}(الأنفال: 24).

 

 

وامتدَّت رسالة النبيّ(ص) في أرجاء العالم كلّه، كما كانت رحمةً للعالمين كلّهم. وكان النبيّ(ص) يمثّل بشارة الأنبياء قبله، وهذا ما حدّثنا القرآن عنه في حديث عيسى بن مريم(ع) لبني إسرائيل: {وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللهِ إِلَيْكُمْ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ}(الصَّف: 6).

 

إقرأ أيضا : فخامة الرئيس والأسئلة العارية!!

 

 

وقد حدّثنا الله سبحانه وتعالى عن الخلق العظيم للنبي، حيث كان(ص) يمثّل القمَّة في أخلاقه، لأنّه كان ليّن القلب ويحبّ النّاس كلّهم، سواء كانوا من أعدائه أو  من أصدقائه، وكان يتألم لأعدائه ألماً عميقاً لأنّهم لم ينفتحوا على الرسالة، ولأنّهم سوف يخسرون الدنيا والآخرة، وكان قلبه ينبض بالرّحمة والخير والمحبّة، وكان طيّب اللّسان، ينفتح لسانه على كلّ ما ينصح النّاس ويرتفع بمستواهم ويؤلّف بينهم، وهكذا ألّف(ص) بين الفئات المتخاصمة، كما بين "الأوس" و"الخزرج"، بعدما كانت الحروب بينهم تمتدّ إلى عشرات السّنين.

 

 

اليوم تحيط بذكرى الولادة المباركة لرسول الله (ص) أحداث عدة تشوّه سيرته وتتعارض بشكل كامل مع سماحته وأخلاقياته وأدبه ورسالته، وربما عن سوء فهم وتقدير يلجأ بعض المسلمين إلى تصرفات وأعمال وأساليب تتعارض مع رسالته السماوية وتعاليمه السمحاء وكل القيم الأخلاقية والإنسانية التي شهدناها في سيرته المباركة .

 

 

إن أخطر ما يلجأ إليه المسلمون اليوم هو القصاص بالقتل انتقاما لنبيهم فيما لم ينتقم عو لنفسه في يوم من الايام وهو القائل "ما أوذي نبي مثلما أذيت" فكان رده على كل إساءة الدعوة بالهداية والترفع عن الرد على الخطيئة بخطيئة مثلها لأن رسالته ودعوته ريالة أخلاقية ودعوة إنسانية فلا يمكن الجمع بين أخلاقيات محمد (ص) وبين الإقتصاص بالقتل رغم الإفتراء الشنيع والإساءات المتكررة لأن الله سبحانه قال له "لقد كفيناك المستهزئين" وليستمر في رسالته القائمة على التسامح والمحبة والإنسانية.

 

 

إن الإساءة لرسول الله (ص) لن تنال من مقامه ولن تنال من أي أحد من المسلمين لأن محمدا رسالة إلهية خالدة خلود الدهر ولأن رسالته رسالة ربانية إلهية تجاوزت البشرية وتتصل ما هو هو أكبر على صعيد الكون كله وليس للمسلمين ردّ الإساءة لأي أحد بإساءة تتنافى مع اخلاقيات النبي الكريم، وبالتالي فإن ما يحصل يسيء إلى المسلمين بقدر ما أساء من أساء برسوم أو مواقف أو تصريحات هي ليست أكثر من أحقاد  خلفتها تصرفات البعض من المسلمين ممن لا يفهمون من الاسلام شيء.

 

 

الدعوة اليوم في ذكرى ولادة النبي الأكرم (ص) الى ترسيخ مفاهيم الوحدة والتسامح والمحبة والتراحم والتآخي بين الجميع وهكذا فقط نحتفل برسول الله ونثبت للعالم كله أن رسالة محمد هي رسالة المحبة والتلاقي .

وكل عام وأنتم بألف خير