ولو شاهد الرسول ما أقدَمَ عليه قاتلُ الرسام لأنكَرَ ذلكَ غاضباً ولقال: اللهمَّ إنّي أَبْرَأُ إليكَ مما فعلَ الشيشانيُّ ومن ناصرَه بحقّ مَن رسَمنِي جهلاً . وإنّ الرسولَ محمداً ما غضِبَ يوماً لنفسه وما انتقَمَ لها إلاّ إذا انتُهِكَت حُرمةُ دمِ ودمعةِ الإنسانِ وكرامتِه. وفعلاً فَمِنَ الحبِّ المغموسِ بالجهل ما قَتَل.
 

لو كان النبيُّ محمدٌ حياً لردَّ على راسِمه بشرح آياتِ الله الكونية وعرَّفَه وحبَّبَهُ إلى خالقِه وقرّبَه من جَنِّتِه رَبِّ الناسِ وأعاذَه من شرِّ الوَسْواسِ الخَنَّاسِ الذي يُوَسْوِسُ في صدور الناس. 


ولو التقَى راسِمَه لَتَبَسَّمَ ضاحكاً من قوله ماسحاً بيَدِه على وجهِه وصدرِه حتى يشرح الله صدرَه للإيمان وللحقيقة.


 
لو عاصرَ  راسِمَه لَقَصدَ بابَ دارِه وَدَعَا له بالهدى والإيمان وحبَّبَ اللهَ إليه وناقشَه وحاورَه بالتِي هي أحسن وبِلَطائِف الحكمةِ والموعظة الحسنة ولجادَلَه بالكلمة الطيبة مصحوبةً بانفراجِ أساريرِ الوجْهِ المنيرِ وبشاشتِه النورانية. 

 

لو ظهر محمدٌ على راسِمه لأدانَ الجريمةَ ولاعْتَذرَ له عن تقصير أمتِه في بيان فقه السيرة النبوية للأمم والشعوب التي لو عرَفَتْه لأحَبَتْهُ واسْتلْهمَت منه مقامات الرتبة الإنسانية بمبادىء عالمية الرسالة السمحة. 

 

لو واجَه راسِمَه لعفا وأعرضَ عنه زاهداً بخربشاتِه لأنّه يستشرف بعسى أن يَخْرِجَ من أصلابهم مَنْ يوحِّدُ الله. 

 

ولو تمكّن النبيُّ من رقبة راسمه لَصَافحَهُ وصَفَحَ عنه وسامحَه ولَأَصْدَرَ قرارَ العفوِ العام كما فَعلَ مَعَ أهلِ مكة الذين طَرَدُوه وَشَتَمُوه وضَربوه وأهانُوه وحاصَروه وآذَوْهُ في عِرضِه وكرامتِه وحريته وإنسانيته وسُمعته وخصوصياتِه ولقالَ مقالتَه الذَّهبية ( ما تظُنُّونَ أنَّي فاعلٌ بكم..؟ قالوا أنتَ أخٌ كريمٌ وابنُ أخٍ كريم،فقال:إذهبوا فأنتُمُ الطُّلَقاء،لا خوفَ عليكم اليومَ يَغفِر الله لكم جميعاً،فاليوم يومُ المَرْحَمة،ومَن لا يَرحَم لا يُرحُم).

 

لو قيل للرسول أن راسماً أساءَ فهمَ صورتِك وشخصيَتِكَ لَأَتَى الجوابُ النبوي( اللهُمَّ اهدِ الرسامَ  فإنه معذورٌ بجهله وبتقصير علماء أمتي ودعاتِها،وأتبرَّأ ممَّن رسَمَ صورتي على غير حقيقتي،سَواءٌ مَنْ تطرَّفَ في حُبِّي وبُغْضِي )

 

لو قرأ النبيُّ الردودَ التي قِيْلَتْ دفاعاً عنه لرأى فيها أسوءَ سوءاً من الرسومات نفسها،لأن المؤمن ليس طعّاناً ولا لَعّاناً ولا الفاحِشَ البذِيء،بل يَكرَهُ السُّوْءَ من القول،ولا يخوض في أمورٍ تضيِّع وقتَه وجهدَهُ وقضيتَه العادلة،بل كان يعامل المستهزئين بِصَمِّ أذنِه وغضِّ البصر من باب إماتة الباطل ودفنه وتلك رأس وعين الحكمة،وإذا قيل للرسول بأن فلاناً قد شَتمَكَ لَصَبَرَ على ما يقولون ولَهَجَرَهُم هَجْراً جميلاً،ولأَبْدَى آياتِ الرحمةِ والتسامح والعقل والغفران.


وكيف لا وهو الذي قال عن حسن تربيته الربانية(  أدّبني ربي فأحْسَنَ تأديبي)،لذا زكَّى الله أخلاقَه فقال(  وإنك لعلى خُلُقٍ عظيم) ووصفه بالرحمة (وما أرسلناكَ إلاَّ رحمةً للعالمين)

فيا أيها المتدَيِّنون : حبِّبُوا الله إلى عبادِهِ،وحَبِّبُوا خَلْقَه إليه،وصدَق الله( ومَن يْؤْتَى الحكمةَ فَقدْ أُوْتِيَ خيراً كثيراً) 

 

ولو شاهد الرسول ما أقدَمَ عليه قاتلُ الرسام لأنكَرَ ذلكَ غاضباً ولقال: اللهمَّ إنّي أَبْرَأُ إليكَ مما فعلَ الشيشانيُّ ومن ناصرَه بحقّ مَن رسَمنِي جهلاً ). 


وإنّ الرسولَ محمداً ما غضِبَ يوماً لنفسه  وما انتقَمَ لها إلاّ إذا انتُهِكَت حُرمةُ دمِ ودمعةِ الإنسانِ وكرامتِه. 

 

وفعلاً فَمِنَ الحبِّ المغموسِ بالجهل ما قَتَل.