رغم أن ألمانيا تسجل آلاف الإصابات والوفيات بفيروس كورونا المستجد، إلا أنها تعد من أكثر الدول الأوروبية استجابة للجائحة مقارنة بإيطاليا وإسبانيا.

 

فقد اجتازت ألمانيا الموجة الأولى من الوباء بشكل معقول مقارنة بالعديد من الدول الأوروبية الأخرى، إذ كانت العناية المركزة في البلاد لا تزال تحتفظ بقدرة على التعامل مع الحالات الحرجة.


وقال أستاذ اقتصاديات الصحة وعلم الأوبئة السريري في جامعة كولونيا، كارل لوترباخ، إن ألمانيا تواجه الموجه الثانية من المرض بوضع أفضل نسبيا مقارنة ببقية الدول المجاورة.

 

في مقال رأي نشر في صحيفة "الغارديان"، قال لوترباخ إن "هناك 3 عوامل ساهمت في تقليل تداعيات الوباء في المستشفيات الألمانية.

 

وقال: "العامل الأول كان الحظ المطلق، الذي جعل الناس تتصرف مع المرض في وقت مبكر، أثناء الصور المزعجة والمأساوية لتفشي الفيروس في شمال إيطاليا وفي البلدان التي كانت قبلنا بأسابيع قليلة، كان السكان الألمان بالفعل قلقين للغاية بحلول الوقت الذي سجلنا فيه أول زيادة كبيرة في الحالات".

 

وأضاف: "العامل الرئيسي الثاني كان القرار المبكر الذي تم اتخاذه على المستوى الحكومي، بدعم من أعضاء رئيسيين في البرلمان. كانت الاستراتيجية منذ البداية أن تكون صريحا مع الجمهور من خلال وصف بعبارات واضحة وصارمة الخطر الذي يشكله هذا الوباء على السكان. كانت الخطة تهدف إلى التعامل مع جميع النتائج العلمية بشفافية وإقرار أي شكوك علانية".

 

وتابع: "العامل الثالث هو أنه في جميع الأوقات كانت هناك محاولات من برلين لإشراك الحكومات المحلية على مستوى البلاد، بالإضافة إلى محادثات تنسيق منتظمة مع المعارضة، نتج عن ذلك موقف متفق عليه تم إيصاله بشكل موحد، حتى أن بعض أحزاب المعارضة كانت مترددة نسبيا في انتقاد عمل الحكومة، وقد منح البرلمان بعض الحقوق الإضافية المؤقتة المهمة للسلطة التنفيذية للإسراع في تبني الإجراءات وتنفيذها قدر الإمكان".

 

وقد سجلت ألمانيا 373,825 إصابة مؤكدة بالفيروس التاجي منذ بداية الجائحة، منها 9,842 حالة وفاة، بحسب أرقام جامعة "جونز هوبكنز".

وتساءل الكاتب عن إمكانية تجنب ألمانيا للموجه الثانية، مع ارتفاع الحالات اليومية لمستويات قاسية.

وقال: "من الواضح أننا لن نتمكن من تجنب الموجة الثانية، ارتفع عدد الحالات اليومية الأسبوع الماضي إلى أكثر من 7000 حالة، وهو أعلى مستوى منذ بدء الوباء. صحيح أن الأرقام لا يمكن مقارنتها مع أرقام البدايات، لأن الفحوصات تبلغ 3 أضعاف الفحوصات التي تم إجراؤها في بداية الجائحة، لكن هذه الحالات مؤشر واضح على أننا قد نكون على عتبة فقدان السيطرة".