غريب أمر هذه السلطة ففي الوقت الذي تتعمق فيه أزمة البلاد، على مختلف الصعد السياسية، والاقتصادية والاجتماعية والامنية، وبعد انفجار المرفأ ونتائجه الكارثية، تستمر هذه السلطة بممارسة سياسة الانكار وكأنه لم تمر سنة بالتمام والكمال على الانتفاضة الشعبية التي حجبت الثقة الشعبية عنها الا انها تستمر في الامعان بممارسة دفن رأسها بالرمال .
 

 

كانت بيروت يوم 17 تشرين على موعد مع إحياء مرور سنة على انطلاقة الانتفاضة الشعبية حيث انطلقت  مسيرات أحيت ذكرى انطلاق انتفاضة 17 تشرين، بالاضافة الى إضاءة شعلة الثورة وكذلك اطلاق منصة هايد بارك بدا بالنشيد الوطني والوقوف دقيقة صمت عن أرواح شهداء الانتفاضة وانفجار المرفأ، لتترافق مع الاغاني الوطنية ، ترافق ذلك مع أن أحوال البلاد بدت كأنّها لا تزال على ما هي عليه منذ سنة مع تغيّر نحو الأسوأ في كل شيء. سنة انقضت والأحوال الاقتصادية والمعيشية الى انهيار متزايد يتعمق أكثر فأكثر، في حين لا تزال عقلية الحكم على حالها تعمل وفق بوصلة مصالحها وسمسراتها، وما أزمة تشكيل الحكومة إلا خير دليل على ذلك.

 

 

لقد اظهرت تطورات الايام الاخيرة، تراجعا لافتا ومثيرا للتساؤل، حول معنى ان يرجئ رئيس الجمهورية ميشال عون، الاستشارات النيابية الملزمة لتسمية الرئيس المكلف تشكيل الحكومة العتيدة، الى الخميس المقبل، وقد قرأه عديدون، بأنه استمرار في التعطيل والعرقلة واضاعة الوقت لتشكيل الحكومة والبدء بتنفيذ الاصلاحات المطلوبة، لغرض في نفس يعقوب، وفق المبادرة الفرنسية


وأمس أتى إعلان التيار الوطني الحر رسمياً رفض تسمية الرئيس سعد الحريري لتكليفه تشكيل الحكومة الجديدة على اعتبار أنه ليس اختصاصيا،  ليقطع الطريق على المساعي التي كانت قائمة لجمع الحريري بالنائب جبران باسيل، ما يوحي بأن شروط اعادة احياء التسوية بينهما قد فشلت، وهذا ما يطرح السؤال حول مصير الاستشارات النيابية التي تم تأجيلها الى يوم الخميس المقبل، فهل ستبقى على موعدها أم ستدفع برئيس الجمهورية ميشال عون الى تأجيلها مرة جديدة؟

 

إقرأ أيضا : تأجيل الإستشارات هدفها الاستمرار بسياسة التعطيل

 

 

مصادر بعبدا أشارت الى أن هناك متسعاً من الوقت قبل أن يحدد عون موقفه النهائي بهذا الشأن وما اذا كانت الاستشارات سوف تبقى على موعدها المقرر. وقالت إن ما يرغب به عون ينطلق أولا من تمسكه بالمبادرة الفرنسية وثانياً تشكيل حكومة مهمة تحظى بتأييد كل القوى السياسية، لكن الطريقة التي قدّم بها الحريري ترشحه لرئاسة الحكومة مستبقًا الاستشارات هي التي أوجدت هذا المأزق الذي كنا بغنى عنه لو سارت الأمور بشكل طبيعي، أما وقد وصلت الحال الى ما هو عليه فهذا يتطلب تشاوراً ولا يمكن ادارة الظهر له أو القفز من فوقه. وأملت مصادر بعبدا أن تحمل الأيام المقبلة مفاجآت ايجابية بهذا الخصوص.

 

 

من جهتها، أشارت مصادر بيت الوسط الى أن الحريري لم يتفاجأ بموقف التيار الوطني الحر ولم يكن يتوقع أن يعدّل موقفه، لأن باسيل وبعد أن خبره الحريري كل هذه السنوات الماضية لا يمكنه بعد اليوم التعاون معه تحت أي ظرف، ولذا فإن الحريري أسقط من حسابه سلفا دعم التيار له أو أن يكونا معا في حكومة واحدة، وترشحه لرئاسة الحكومة أتى من حرصه على المصلحة الوطنية وضرورة إنقاذ لبنان متسلحًا بالمبادرة الفرنسية ودعم الرئيس إيمانويل ماكرون له، لأنه كان يعتبر أن الواجب الوطني لدى البعض قد يساعد على التنازل لإنقاذ البلد من الانهيار لكن التجارب أثبتت أن حسابات لدى هذا البعض تتقدم على الواجب الوطني.

 


وعطفاً على ما قالته مصادر بيت الوسط، قال القيادي في تيار المستقبل مصطفى علوش فلنذهب إلى الاستشارات يوم الخميس فإما ان يكلَّف الحريري بتشكيل الحكومة أو يشكلون الحكومة التي يريدون.

 

وعن موقف المملكة العربية السعودية من ترشيح الحريري، كشف علوش ان الاتصالات بين الحريري والرياض متوقفة، وهو يتواصل مع السعودية من خلال الرئيس ماكرون، لكنهم في المقابل يشترطون على الحريري لعودة العلاقة معه تشكيل حكومة من دون حزب الله.


توازياً، أكدت مصادر التيار الوطني الحر ان الجرة انكسرت بين التيارين البرتقالي والأزرق وأن لا لقاء متوقع بين باسيل والحريري، وأن التيار اليوم هو ضد عودة الحريري الى السراي الحكومي لأن المرحلة الراهنة تقتضي تشكيل حكومة من وزراء اختصاصيين، والحريري ليس اختصاصيا ولا يتمتع بهذه الصفة وهو غير قادر على ترؤس حكومة مستقلة تأخذ على عاتقها تنفيذ الاصلاحات وإعادة الاعمار.


مصادر عين التينة أبلغت ان الاتصالات التي يجريها الرئيس نبيه بري لحلحلة العقد ومنع تأجيل الاستشارات النيابية مرة جديدة لم تتوقف، ولكن المصادر لن تكشف عن طبيعة هذه الاتصالات قبل التوصل الى نتائج ايجابية.

 

 

غريب أمر هذه السلطة ففي الوقت الذي تتعمق فيه أزمة البلاد، على مختلف الصعد السياسية، والاقتصادية والاجتماعية والامنية، وبعد انفجار المرفأ ونتائجه الكارثية، تستمر هذه السلطة بممارسة سياسة الانكار وكأنه لم تمر سنة بالتمام والكمال على الانتفاضة الشعبية التي حجبت الثقة الشعبية عنها الا انها تستمر في الامعان بممارسة دفن رأسها بالرمال .