دخل شريك القاضي على الخليفة العباسي المهدي، فقال له الربيع (وزير الخليفة): خُنتَ مالَ الله، ومال أمير المؤمنين، قال شريك: لو كان ذلك لأتاك سهمُكَ.
 

مع بزوغ يومٍ جديد من عمر انتفاضة السابع عشر من تشرين الأول عام ٢٠١٩، والتي دخلت بالأمس عامها الثاني، تبدو الآمال ضعيفة بإمكانية زحزحة هذه الطبقة السياسية الحاكمة والقوى الداعمة لها عن مواقعها وامتيازاتها، طالما أنّ الرئيس نبيه بري والزعيم وليد جنبلاط يتبادلان آيات الوُدّ والعرفان والتعاضد، منذ ما يقرب من عمر هذه الطبقة السياسية الفاسدة،  أي منذ ثلاثة عقودٍ من الزمن بالتمام والكمال، وطالما أنّ السيد حسن نصرالله أمين عام حزب الله يرى في شخص الرئيس بري توأمه الروحي، ويتحدث عن صداقة وُدّية مع الصديق العزيز جبران باسيل، وهذا ما لم يحضَ به سياسيٌّ آخر في لبنان، أمّا الشيخ محمد ميشال عون( حسب إبداع الشيخ عبدالأمير قبلان) فهو عند "سيّد" المقاومة والممانعة رجل المهمات الصعبة، رجل الوفاء والإخلاص، والقصاص ممّن يحاولون التّعدّي على صلاحياته هو فرضٌ واجبٌ، بعد أن حاول ذلك رؤساء الحكومات السابقين، بواسطة السفير مصطفى أديب قبل اعتذاره، وطالما أنّ وئام وهاب واللواء جميل السيد ينطقان باسم تيار المقاومة والممانعة، مع النجم اللامع سالم زهران، وطالما أنّ الإعلام يفتح ذراعيه واسعاً للمحلّلين "الستراتيجيين" لتيار المقاومة والممانعة من علي حجازي إلى فيصل عبدالساتر إلى رفيق نصرالله وجوزف أبو فاضل، والقائمة تطول، وطالما أنّ الرئيس سعد الحريري ما زال يعتمد في حياته السياسية على دعم صديقه "اللّدود" حزب الله، ويتغذّى من "لبن عصفور" الأستاذ نبيه بري، وطالما أنّ حزبيْ الكتائب والقوات اللبنانية لا يكُفّأن عن تبادل المماحكات والمناكفات، وطالما أنّ رجلَ أمنٍ محظوظاً ومُقرّباً من الثنائي الشيعي يختزل في شخصه الحكومة بوزرائها والمجلس النيابي برئاسته ونُوّابه، فالتّغيير والإصلاح المنشودان، هما من الأمور العصيّة وصعبة المنال.

إقرأ أيضا : في حمأة التّطبيع، وامعتصماه..واعرباه..لقد أسمعتَ لو ناديتَ حيّاً.

 


جبالٌ شاهقة من المصاعب والأهوال تنتظر الإنتفاضة الشعبية مطلع عامها الثاني، وحزام الفقر والبطالة والجوع والحرمان والإذلال يشتد على خناق المواطنين الصابرين، وهم يُعانون من تشرذم المعارضة الوطنية على كثرتهم، تحسبهم جميعاً وقلوبهم شتّى، في حين تبقى الطبقة السياسية الفاسدة التي تحكم البلد، مُتضامنة مُتكافلة.

 


دخل شريك القاضي على الخليفة العباسي المهدي، فقال له الربيع (وزير الخليفة): خُنتَ مالَ الله، ومال أمير المؤمنين، قال شريك: لو كان ذلك لأتاك سهمُكَ.