كتب منير الربيع في "المدن": انتهى زمن المصلحة المشتركة بين حزب الله والتيار العوني. فما بات يجمعهما حالياً هو نوع من رفع العتب، والحفاظ على التحالف لا أكثر. لكنه تحالف يتصدع أكثر فأكثر، في حسابات وملفات متعددة، تظهر تباعاً منذ اختلافهما الكبير حول ترسيم الحدود، وفي التصرف مع الضغوط والعقوبات الأميركية.

 

حلف المصالح المتبادلة المنتهي

والوئام الاجتماعي المزعوم بين الطرفين، قابل للتصدع والانفجار: فالمسيحيون لا يمكنهم الاستمرار في العيش تحت سيف العقوبات، وفي خسارة مكتسباتهم في أسس النظام اللبناني. فيما حزب الله وجمهوره يتذمران من الابتزاز الاستنزافي الذي مارسه التيار العوني على مدى سنوات طويلة.

 

فعند إبرام تفاهم مار مخايل في العام 2006، لم تكن قد ظهرت بوضوح بعد ملامح فتنة سنية – شيعية في المنطقة كلها. وكان الانقسام ينحصر في لبنان فقط، على وجه من الوجوه. واحتاج حزب الله إلى حليف مسيحي، والتيار العوني كان يحتاج إلى نصير ليتمكن من انتزاع مكاسب في بنية السلطة.

 

هذه الظروف تتغير حالياً. ويبرز الآن تغيرها في اختلاف وجهات نظر حزب الله والعونيين في مسألة تكليف سعد الحريري رئاسة الحكومة. وحيال هذه التطور، يهدد التيار العوني بميله إلى تغيير الدستور "النتن والعفن"، أو بذهابه إلى ما هو أبعد من الفيدرالية، في حال عدم إقرار اللامركزية الإدارية والمالية الموسعة.

 

وهذا هو المنطق الذي استخدمه العونيون في رفض إجراء الاستشارات، بذريعة الميثاقية، أو بما سرّبته مصادر القصر الجمهوري عن أن الحريري لم يكن ليحصل على أصوات نواب جبل لبنان.

 

العونية عبء على صفقة أميركية – شيعية؟

أصبح تيار العوني وجبران باسيل ثقلاً على الجميع. سابقاً كان حزب الله يحتاجهما ويمنحهما غطاء في مواجهة نبيه برّي. اليوم تغيّر هذا كلياً. وهذا ما يلتقي عليه الثنائي الشيعي وسعد الحريري.

 

وأبرز الإشارات على ذلك، التقاء الطرفين على الاستشارات النيابية وتشكيل الحكومة. فيما هناك من يعتقد بظهور ملامح صفقة شيعية - أميركية في لبنان. وقد تظهر ملامحها أكثر في حال فاز جو بايدن في الانتخابات الرئاسية الأميركية.

 

وفي المقابل، هناك تفاهمات عربية سنية مع إسرائيل. هذا يحتّم نوعاً من لقاء موضعي بين الشيعة والسنّة، وخصوصاً أن الحريري يعتبر دوماً أن قوة حزب الله لها غطاءها الإقليمي.

 

في سياق هذه المتغيرات ثمة من يرى أن التيار العوني  يخسر الكثير من أوراقه المحلية، ولن يقوى بعد اليوم على تسويق نفسه، لا مع حزب الله بعد خلافهما على مفاوضات ترسيم الحدود، ولا مع السنّة بعد بلوغ خلافه مع الحريري مرحلة التحدّي والطابع الشخصي والإلغاء.

 

هل يُطيع عون صهره ويؤجل الاستشارات؟

لذا يراهن باسيل على تقديم أوراق اعتماد خارجية. وقد يكون حزب الله حريصاً على استمرار تحالفه مع عون في سنتي عهده المتبقيتين. أما ما بعد انتهاء العهد العوني، فلكل حادث حديث.

 

وكلام أحد نواب التكتل العوني عن أنه يريد مفاوضات مباشرة مع إسرائيل، ستؤسس لمشكلة كبيرة بين العونيين وحزب الله في المستقبل.

 

لو لم يكن باسيل يمتلك توقيع رئيس الجمهورية وصلاحياته في تحديد مواعيد الاستشارات، لما أُجِّلت الاستشارات، بحثاً عن تنازلات جديدة تحقق لباسيل بعض المكاسب. وهذا على منوال القاعدة التي انتهجها الثنائي الشيعي مع الحريري، والمنوال الذي اتبعه وليد جنبلاط وحقق ما يريده.

 

باسيل يقول إنه سيجبر الحريري على تقديم التنازل الذي يريده منه، لأنه صاحب أكبر كتلة نيابية، وينطبق عليه ما ينطبق على باقي الكتل. لكن الحريري أصر على مبادرته وترشيحه.

 

وهنا يبرز السؤال: إلى إي مدى يستطيع عون تأجيل الاستشارات؟ وكيف تكون صورته المحلية والاقليمية في حال تعطيله الاستحقاقات كرمى لعيني صهره؟ هل يكرر موقفه السابق قبل سنوات، عندما كان  رئيساً لتكتل التغيير والإصلاح، وقال: "لعيون صهر الجنرال ما تتشكل حكومة"؟

 

وفي حال استمر الحريري في ترشيح نفسه، وأصر على عدم تقديم أي تنازل لباسيل، يعني أن العهد يحترق ويخسر أكثر فأكثر.