اخيراً هل سينجح الحريري في مسعاه تشكيل حكومة انقاذ ستكون الأيام المقبلة التي تسبق موعد الاستشارات حافلة بالاتصالات والمشاورات. وهناك من يستبعد احتمال الوصول إلى اتفاق قبل موعد الاستشارات. وبحال تعذر الاتفاق، ستكون الاستشارات صباح الخميس المقبل أمام مصير التأجيل.
 

وسط حالة الجمود السياسي ومع تفاقم الازمات الاقتصادية والاجتماعية والمالية والصحية في لبنان، فجّرا لرئيس سعد الحريري، قنبلة سياسية حقيقية عندما كشف في مقابلة حوارية تلفزيونية طويلة أنه مرشح طبيعي لرئاسة الحكومة وذلك في حوار تلفزيوني مع مارسيل غانم، وقد احدث خرقا بالغ الاهمية في الجمود السياسي الحاصل، ليخلص، بعد عرض طويل وعريض، معلنا انه مرشح طبيعي لرئاسة الحكومة، من دون جميلة حدا، ومش رح سكر الباب، اذا بدكم اهلا وسهلا، واذا ما بدكم، ساعتها منشوف شو منعمل  مستطردا بالقول لكنني لا اهدد كما يفعل غيري.

 


توسع الرئيس الحريري في سرد الاوضاع، والايجابيات والسلبيات، وما يعترض لبنان من تحديات وازمات  وعراقيل، وهي مسألة طبيعية، وليست مستحدثة، في  بلد مثل لبنان، موصوف  بـالتنوع الديموغرافي والديني والطائفي والمذهبي و السياسي وهو جوهر المشكلة التي يعاني منها هذا البلد ، هذا مع الاشارة الى ان الحريري عزا جوهر المشكلة التي يعانيها اللبنانيون، الى العقلية التي تدار بها البلد، وهي ليست متصلة، لا بالنظام ولا بالدستور.

 


المسألة قابلة للنقاش، ولبنان على ابواب الاستشارات النيابية الملزمة، الخميس المقبل، وهي لاتزال تئن تحت وطأة الغموض، وما يمكن ان تصل اليه، على وقع مواقف الافرقاء السياسيين كافة، والمليئة بالعديد من التباينات والقراءات المتنوعة، رغم ما قدمته المبادرة الفرنسية من ورقة اصلاحات سرعان ما تنصل منها الثنائي، امل وحزب الله، متمسكين بحصرية تسمية الوزراء الشيعة، والتمسك بحقيبة المال، وقد عزا البعض ما الت اليه المبادرة من برودة الى الاميركيين، وقد خرجت باريس عن صمتها، ولم يحجب الرئيس ايمانويل ماكرون استياءه من الجانبين السني والشيعي، في ادارة البلد ناهيك بالاتهامات المتواصلة، والصادرة، عن غير مسؤول، بأن اللبنانيين لم يلتزموا بتعهداتهم.

 


التكليف والتأليف، اولوية الاولويات، وافرقاء الداخل، على وجه العموم، على قناعة بأن لبنان بأمس الحاجة للاسراع في تشكيل   حكومة إنقاذ وطني، فاعلة ومنتجة ومتعاونة، وان موعد الاستشارات في ١٥ الجاري ان حصلت، يفتح الباب واسعا امام تبادل الاراء من اجل التفاهم  حول اسم  الرئيس المكلف القادر على انجاز المهام الاصلاحية والادارية والاقتصادية والتنموية، المطلوبة خارجيا وداخليا واللبنانيون يتطلعون الى  التخلص من الازمات التي يعانون منها، وهي ازمات كبيرة وليست صغيرة،وليست بنت اليوم وذلك لا يكون بغير التوافق والعمل لبناء الدولة المدنية.

 

إقرأ أيضا :  الاستشارات لزوم مرحلة اللعب في الوقت الضائع

 


و فيما البلاد تلملم ذيول المصائب كل يوم، تتصرف القوى المعنيّة بإدارة الملف الحكومي كمن ينام على مزاجه، ولا تزال تتراشق ما بينها الشروط، فإن الاتصالات السياسية تنطلق من إعلان الرئيس سعد الحريري أنه مرشح لهذه المهمة، دون أن يلقى بعد أي ردود فعل رسمية من القوى التي تقصّدها بإعلانه، وباستثناء ما كشفته مصادر بعبدا بأن رئيس الجمهورية ميشال عون لا يمانع تكليف الحريري، بقي موقف حزب الله وأمل على حاله لجهة تأييده لتشكيل الحكومة مع شرط أن يسميا أسماء الوزراء الشيعة، وهذا الموقف يأتي في سياق ما تعتبره مصادر الثنائي الشيعي "بالمشاركة الحقيقية في تشكيل الحكومة. 

 


مصادر الثنائي قالت إنها ستتجاوز الاتهامات التي وجهها الحريري للثنائي، ولن تقف عندها، وهي تنتظر ما سيحمله اليها من أفكار جديدة خلال تواصله معها، إن من خلال زيارته المرتقبة الى عين التينة ولقائه الرئيس نبيه بري أو من خلال الطريقة التي يراها مناسبة، ليبنى على الشيء مقتضاه لتوضيح الصورة قبل موعد الاستشارات النيابية يوم الخميس.

 


على كل حال. ثابتتان ينطلق منهما حزب الله لمقاربة الترشيح الجديد للحريري، بحسب مصادر قريبة منه، استعداده للتعاون مع كل ما من شأنه وضع حد للفراغ السياسي المتمكن بالبلد خاصة ونحن على ابواب مفاوضات مع اسرائيل تستدعي وجود حكومة قوية وفاعلة ووزراء خارجية ودفاع وعدل على مستوى التحدي المقبل. اما الثابتة الثانية، فرفضه فرض حكومة معادية له وبخاصة فرض الوزراء الشيعة من دون اخذ رأي الثنائي بهما كما حصل خلال تجربة الرئيس المكلف سابقا مصطفى اديب. 

 


وبالرغم من اعراب حزب الله تكرارا تفضيله حكومة تكنوسياسية على حكومة الاخصائيين، الا انه وبحسب المصادر لن يعرقل اي توجه آخر خاصة واذا كانت الحكومة المنوي تشكيلها شبيهة بحكومة حسان دياب. 

 


واذا كان طريق الحريري سالكا بحذر في منطقة الثنائي، فهو يبدو محفوفا بالكثير من المطبات مسيحيا، فحتى الساعة ترشيحه لا يحظى بغطاء مسيحي في ظل عدم حماسة الرئيس ميشال عون والتيار الوطني الحر لعودته بشروطه وبخاصة مترئسا حكومة اخصائيين، وفي ظل رفض قواتي خاصة بعد كل ما طال القوات ورئيسها من نيران حريرية خلال المقابلة الاخيرة. اما درزيا، فيعتقد الحريري ان رئيس التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط ورغم الاتصال الهاتفي الاخير بينهما غير الودي، لن يقف في طريق المبادرة الفرنسية لا بل سيساعده على تنفيذها. 

 


بالمحصلة، يبدو الحريري قريبا الى رئاسة الحكومة مجددا بقدر بعده عنها، اذ تقول مصادر معنية بالحراك الحكومي ان حظوظ نجاحه حاليا ٥٠ بالمئة على ان يتضح المشهد العام خلال عطلة الاسبوع مع تبلور مواقف الكتل من ترشيحه الجديد المشروط.

 


اخيراً هل سينجح الحريري في مسعاه تشكيل حكومة انقاذ ستكون الأيام المقبلة التي تسبق موعد الاستشارات حافلة بالاتصالات والمشاورات. وهناك من يستبعد احتمال الوصول إلى اتفاق قبل موعد الاستشارات. وبحال تعذر الاتفاق، ستكون الاستشارات صباح الخميس المقبل أمام مصير التأجيل.