إنه إعتراف مسبق ومنجز، بوجود دولة اسرائيل وتحوّل الخلاف معها من خلاف وجودي إلى مجرد خلاف على أمتار جغرافية.
 

ما كان ليتجرأنّ  أحد من اللبنانيين، بمجرد الهمس أو اللمز أو حتى الإشارة إلى ضرورة التفاوض مع "العدو " الاسرائيلي حول ترسيم الحدود بين الجانبين، وهو مطلب اسرائيلي منذ نشأ هذا الكيان، إلا اذا انتمى لما يسمى بمحور الممانعة، والا فسيف التخوين والعمالة والارتهان للسفارات سيكون له بالمرصاد! لقطع يده ولسانه ورأسه وانتزاع روحه.


  
أما أن يخرج علينا الرئيس بري، بإعلان الوصول إلى إطار تفاوض مع اسرائيل (بدون "عدو" كما ذكرت ست مرات بالوثيقة المعلنة)  فهذا أمر طبيعي ومرحب به ولا دخالة له حينئذ لا بالعمالة ولا بالخيانة.


وبطبيعة الحال فعند الحديث عن الرئيس نبيه بري يعني ميكانيكيا الحديث معه عن حزب الله، فالاول هو الوكيل الحصري والناطق الرسمي بإسم الثنائي حركة امل – حزب الله بهذا الملف وغيره من الملفات.


 
ماذا يعني، أن يرضخ أخيرا الحزب صاحب شعار الزحف نحو القدس، وصاحب شعار احتلال الجليل أو تحريرها، فضلا عن إزالة اسرائيل الغدة السرطانية من الوجود، وهو الذي قاتل نصف الكرة الأرضية تحت مسمى الطريق الى القدس! 


كنا لنرحب وندعم ونبارك هذه الخطوة لو أننا علمنا أنها نتاج قراءة موضوعية تأخذ مصلحة لبنان واللبنانيين قبل أي شيء آخر، لكننا وبكل أسف فقد عودنا هذا الحزب ومن معه ومن خلفه، أنه لا يذهب إلى خيارات كبرى ويتخلى عن شعاراته الوهمية الخطابية إلا حين تكون مصلحته هو بالذهاب إليها اما من أجل تحقيق مكاسب أو من أجل دفع ضرر محتمل يطاله ( 1701 وانتشار الجيش اللبناني على الحدود ) 

 

إقرأ أيضا : نصرالله - أدهم خنجر: خيارات خاسرة : ( عماد قميحة )

 

 

معلوم ان الاميركي قد أبلغ الحزب أن خيار الذهاب إلى حرب مدمرة قد أتخذ من قبلها ، ويقال في هذا الصدد أن الاسرائيلي قد أرسل للحزب بطريقة ما، خرائط تشير الى مواقع كل مخازن صواريخيه ومستودعاته وبدقة متناهية، وحتى إلى أماكن تواجد الامين العام شخصيا، ومراكز عملياته، وما تفجير المرفأ وبعده استهداف مقر عين قانا إلا عينات صغيرة عما هو آت 


وبالتوازي كان " تفجير" العقوبات على الوزير علي حسن خليل عينة هو الآخر عن القادم من عقوبات سوف تطال بري شخصيا واولاده ( عبدالله – باسل )  وزوجته وكل من يدور بفلكه.

 

أمام هذا الواقع المستجد، أرغم الثنائي ومن خلفهما ايران على تقديم أعظم هدية على الاطلاق لدونالد ترامب عشية الانتخابات الاميركية، ومعه لرئيس وزراء العدو بنيامين نتنياهو المحشور بملفات الفساد. 

 

لا أدري إلى أين ستفضي المفاوضات بين الطرفين ( لبنان – اسرائيل ) بحسب تعبير بري، وهل سوف تكلل بالنجاح او لا، ولكن ما أعرفه تماما ان نفس القبول بمبدأ التفاوض مع اسرائيل وهذه المرة ليس للافراج عن اسرى او لفرض معادلة قتالية ( تفاهم نيسان ) وانما هو تفاوض على ترسيم الحدود، بما يعني و (بغض النظر عن النتائج ) أنه إعتراف مسبق ومنجز، بوجود دولة اسرائيل وتحوّل الخلاف معها من خلاف وجودي إلى مجرد خلاف على امتار جغرافية تحصل حتى بين الاشقاء، ومؤدى هذا هو  تهافت لكل الشعارات القديمة البالية التي حرص الحزب ان يبني أمجاده عليها بالرغم من علمه بانها مجرد شعارات خاوية يستعملها بهدف التضليل وكي الوعي،  وبالتالي فقد انتهت أكذوبة حزب الله ومعه ما يسمى زورا بمحور الممانعة .