فالمبادرة الفرنسية، وبخلاف التصريحات والمواقف المعلنة، اصبحت من الماضي. فالرئيس الفرنسي نفسه، وفي إطلالته الاخيرة، لم يقترح جديداً سياسياً لدفع مبادرته حول ولادة الحكومة. وفي الواقع بَدا مهتماً اكثر في طرح مهلة الـ6 اسابيع والتلويح بأسلوب آخر من بعدها. في الواقع الصورة تبدو صعبة حتى في كواليس السياسة اللبنانية، الجميع يتحدث عن أخطار مقبلة وعن دخول لبنان فعليّاً في بداية تحوله الى دولة فاشلة .
 


لبنان في وضع سلبي، وعلى العديد من المستويات إن كان على مستوى الداخل أو الخارج، وفي هذا السياق خرج الثنائي امل وحزب الله عن صمتهما، ازاء المؤتمر الصحافي للرئيس الفرنسي ماكرون، الذي كانت له الحصة الاوفر من اطلالة السيد حسن نصر الله ، كذلك ما جاء في بيان لحركة امل، من غير ان يرفضا  المبادرة  الفرنسية ، ووفق ما فهماها، وقد التزم الرئيس نبيه بري الصمت. وهو ًترأس امس الجلسة التشريعية الاولى لمجلس النواب في قصر الاونيسكو وعلى جدول الاعمال بند العفو العام. الذي قوبل باعتراضات متعددة المصادر ادت الى سحبه من الجلسة واحالته الى لجنة نيابية متخصصة للبحث فيه، كما و اثيرت التباسات حول اقرار قانون الاثراء غير المشروع وما اذا كان سيطاول الرؤساء الثلاثة والوزراء والنواب، ام انهم معفيون من ذلك.

 


كل ذلك، والبلد يعاني ازمات، متعددة ، من اخرها وباء كورونا الذي يهدد بالاقفال العام،بالتقاطع مع استنكاف رئيس الجمهورية ميشال عون، عن البدء بـالاستشارات النيابية الملزمة لتشكيل الحكومة الجديدة، وقد خرقتها اسرائيل، باتهام بنيامين نتانياهو  حزب الله بامتلاك مصنع صواريخ سري في الضاحية الجنوبية لبيروت، قرب المطار، في مكان يقع على بعد ٥٠ مترا من محطة وقود وشركة غاز، وقد سارع الحزب الى نفي ذلك، وبالوقائع الميدانية المصورة، الامر الذي اعاد الى الذاكرة، يوم التفجير الكارثي لمرفأ بيروت، في الرابع من اب الماضي.

 

 

المعطيات المتوافرة، تستبعد حدوث خروقات على خط الاستشارات، والرئيس عون ماض في مشاوراته غير المعلنة، ولا يرى سببا للاستعجال، ولن يكرر تجربة تسمية مصطفى اديب التي قال امام عدد ممن  زاروه انها حصلت من دون التفاهم معه حول شكل الحكومة وتركيبتها، هذا مع الاشارة الى ان الرئيس عون هو من اكثر المتضررين  من عدم تشكيل الحكومة، ما قد يؤدي الى تداعيات غير محسوبة، على المبادرة الفرنسية التي تشهد تراجعا لافتا، قد يهدد بإفشالها، وقد شدد السيد نصرالله، على لزوم ان يكون الحزب بالحكومة، لحماية ضهر المقاومة، ولمنع صندوق النقد الدولي من فرض شروطه، في سبيل تقديم المساعدة للبنان.

 


ما الت اليه التطورات، الخارجية والداخلية، يشير الى انه ليس في المدى المنظور، من تصور واضح للسيناريوات المتوقعة، لإعادة الحياة الى مجاريها الطبيعية، في المبادرة الفرنسية كما اعلنت في قصر الصنوبر ، وقد احيطت بالكثير من الاجتهادات غير المتقاربة، وعلى وجه الخصوص البند الحكومي منها، رغم  ان التأييد الكلامي لهذه المبادرة لم يتوقف، وبالتالي فإن العبور الى مرحلة  جديدة دونه عوائق وصعوبات .

 


 وقد اكدت حركة امل  ان ما ورد على لسان الرئيس ماكرون من اتهامات، وتحميل المسؤوليات للثنائي بعيد عن الحقائق، مذكرة بأن الرئيس بري، كان مازال في طليعة الحريصين على الحفاظ على استقرار لبنان ووحدته ، وانتظام عمل المؤسسات السياسية والدستورية والسباق الى ادارة الحوار الداخلي بين مختلف القوى، وفي ظروف سياسية معقدة، والداعي الى قيام الدولة المدنية.

 

 

فتح السيد نصر الله باب المجابهة على مصراعيه، وقد ادعى بأن  ما كان معروضا، هو ليس تشكيل حكومة انقاذ، وانما كان المطلوب تسليم البلد الى نادي الرؤساء الاربعة السنيورة وميقاتي وسلام والحريري، بلا قيد او شرط، والا العقوبات اتية.

 

إقرأ أيضا :  لبنان في ثلاجة الانتظار

 


الكل ينتظر الكل، والكل في مواجهة الكل والبلد في حال يرثى له، وما ستكون عليه تطورات الايام الاتية، وما يمكن ان تحمله، خصوصا بعد موقف الثنائي الذي ميز بين المبادرة الفرنسية كما عرضت في قصر الصنوبرواداء الرئيس ماكرون وقد رفض هذا الثنائي على لسان السيد نصرالله ما اعتبره ولاية ووصاية على لبنان.

 


الافرقاء اللبنانيون، كل يقرأ المبادرة على هواه، ووفق ما تشتهي نفسه وطموحاته وتطلعاته هذا مع الاشارة الى ان اكثر من مرجع  واذ استغرب بهدلات ماكرون، فإنه في المقابل لا يمكن الدفاع عن القوى السياسية التي ارتكبت، غالبيتها، كل انواع الموبقاتمع الاشارة الى ان من واجب اللبنانيين ان يحاسبونهم، لا ان يتركوا المسألة وراء ظهورهم او يتركوها للاخرين، ايا كانوا، واينما كانوا.

 

 

لبنان يعاني بشدة بسبب اقتصاد بدأ يلفظ أنفاسه وتقلّص القدرة المالية للدولة اللبنانية ولمصرفها المركزي. ولا شك في أنّ الاستمرار بلا حكومة فاعلة سيعني تفاقم الازمة الاقتصادية ومزيداً من الانهيار للمؤسسات العامة وما تبقّى من ركائز الدولة، وعلى الأرجح التوجه نحو الفوضى والعنف. فالمبادرة الفرنسية، وبخلاف التصريحات والمواقف المعلنة، اصبحت من الماضي. فالرئيس الفرنسي نفسه، وفي إطلالته الاخيرة، لم يقترح جديداً سياسياً لدفع مبادرته حول ولادة الحكومة. وفي الواقع بَدا مهتماً اكثر في طرح مهلة الـ6 اسابيع والتلويح بأسلوب آخر من بعدها. في الواقع الصورة تبدو صعبة حتى في كواليس السياسة اللبنانية، الجميع يتحدث عن أخطار مقبلة وعن دخول لبنان فعليّاً في بداية تحوله الى دولة فاشلة .