ومع ذلك لم يجد السيد حسن نصر الله مناصاً من إعادة النظر والقبول بتمديد أمد المبادرة الفرنسية إياها، والتي سبق له أن قضى عليها بإفشال مهمة الرئيس المكلف مصطفى أديب، ولعلّ الأمور عادت إلى نصابها الصحيح عند الجميع، فقد مطّ الرئيس الفرنسي مبادرته حتى نهاية شهر تشرين الأول القادم، موعد الانتخابات الرئاسية الأمريكية، وما يمكن أن تسفر عنه من نتائج قد تُفضي إلى مفاوضات أميركية إيرانية، تتعلق بمستقبل المنطقة العربية والخليج، وخاصةً تلك الدول التي أدخلتها إيران في بوتقة وصايتها ومصالحها الإستراتيجية، ولبنان في مقدمتها.
 

وكما كان مُتوقّعاً، لم يحمل خطاب السيد حسن نصرالله أمين عام حزب الله بالأمس بصيص أملٍ للّبنانيّين التّواقين للخلاص من الأزمات الخانقة التي تحيط بالبلد، وذلك منذ اندلاع الانتفاضة الشعبية في السابع عشر من تشرين الأول عام ٢٠١٩ وحتى الآن، البلد المنكوب بلا حكومة، برلمان عاجز، رئيس جمهورية مغلول اليدّ، وصاحب الأمر والنّهي في الجهالة الجهلاء، والضلالة العمياء، والعمى الموفي بأهله إلى النار( كما يقول زياد بن أبيه في خطبته البتراء)، الإقتصاد مُنهار، النقد المحلي في الحضيض، الأسعار مُتفلّتة،، وباء الكورونا مُتفشٍّ، ومع ذلك يستطيع السيد حسن نصرالله القفز فوق كلّ ذلك، والسّعي لإعادة تأليف حكومة جديدة من الطبقة السياسية الفاسدة إيّاها، والتي أودت بالبلد إلى الكوارث التي يُعاني ويلاتها المواطنون كلّ يومٍ غلاءً وإذلالاً وقهراً وعُسفاً، وكأنّ المبادرة الفرنسية وجهود الرئيس الفرنسي ماكرون وزيارته لبيروت كانت لهواً ولعباً.

 

إقرأ أيضا : خطاب السيد نصرالله اليوم وجواب الأحنف بن قيس لمعاوية

 

يلوم السيد حسن نصر الله الرئيس ماكرون على اوهامه بتأليف حكومة إنقاذية من اختصاصيّين مُستقلّين عن الطبقة السياسية الحاكمة، الطبقة السياسية الفاسدة التي هي سبب البلاء من أوله إلى آخره، ويدعوه للعودة عن غيّه، وليعترف بنتائج الإنتخابات البرلمانية الأخيرة، وليُقرّ بأنّه ليس حاكماً ولا سلطان له على اللبنانيين، وأنّ الكلمة الفصل في نهاية المطاف هي لحزب الله، فهذا الحزب لديه ما يُبرّر الخروج على المبادرة الفرنسية، لديه الحُجّة الظاهرة وهي حماية "ظهر المقاومة"، أمّا الحجة المُبطّنة فهي حماية منظومة الفساد بكاملها، والتي وحدها تسمح للمقاومة والممانعة بسلاحها غير الشرعي باستباحة سيادة البلد واستقلاله، ومع ذلك لم يجد السيد حسن نصر الله مناصاً من إعادة النظر والقبول بتمديد أمد المبادرة الفرنسية إياها، والتي سبق له أن قضى عليها بإفشال مهمة الرئيس المكلف مصطفى أديب، ولعلّ الأمور عادت إلى نصابها الصحيح عند الجميع، فقد مطّ الرئيس الفرنسي مبادرته حتى نهاية شهر تشرين الأول القادم، موعد الانتخابات الرئاسية الأمريكية، وما يمكن أن تسفر عنه من نتائج قد تُفضي إلى مفاوضات أميركية إيرانية، تتعلق بمستقبل المنطقة العربية والخليج، وخاصةً تلك الدول التي أدخلتها إيران في بوتقة وصايتها ومصالحها الإستراتيجية، ولبنان في مقدمتها.

 


باختصارٍ شديد، ما زال حزب الله على إصراره ببثّ الروح في أوصال الطبقة السياسية الفاسدة، وعدم السماح بزحزحتها عن مقاعد الحكم، أمّا اللبنانيين المجتمعة أبدانهم، المختلفة أهواؤهم، فهم كما خاطب الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه قومه بقوله: فواعجباً من جدّ هؤلاء في باطلهم، وفشلكم عن حقّكم، ولكن لا رأي لمن لا يُطاع.